الجنود الإسرائيليون نهبوا زملائهم القتلى خلال حرب تشرين أوكتوبر 73
الصحف العبرية
الثلاثاء، ٢٩ نوفمبر ٢٠١١
لا تزال حرب تشرين عام 1973 تلقي بظلالها على الواقع الإسرائيلي وتؤثر فيه، لأنها كانت الصدمة الأخطر، خاصة أنها أعقبت نشوة الانتصار الكبير عام 1967.
وقد نشرت صحيفة «هآرتس» أمس وثيقة صدمت القارئ الإسرائيلي تظهر أنه خلال حرب تشرين تلك مارس الجنود الإسرائيليون عمليات نهب وسلب، ليس لأعدائهم من العرب وإنما لرفاقهم الجنود الإسرائيليين الذين سقطوا في تلك الحرب. وتناقض هذه الرواية الموثقة الصورة التي دأب الجيش الإسرائيلي على إعطائها داخلياً وخارجياً حول أخلاقيات جنوده الرفيعة وطهارة أسلحتهم.
والواقع أن الوثيقة التي نشرتها «هآرتس» للمرة الأولى ليست سوى محضر مداولات لاجتماع عقده رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي حينها، الجنرال هرتسل شافير مع عدد من الجنرالات في هيئة الأركان في كانون الثاني عام 1974. وأشارت الصحيفة إلى أن الغبار المتراكم على الأرشيف العسكري الإسرائيلي منذ ذلك الحين، قبل 38 عاماً، وحتى الآن لم يبدد الارتباك جراء هذه القصة. فالجنود الإسرائيليون سلبوا رفاقهم القتلى أغراضهم وخربوا أعتدة من لم يعد إلى أهله من أرض المعركة. وتشير الوثيقة إلى أن الجنرال شافير قال في هذه المداولات «إنني لا أفهم كيف أن يهوداً وجنوداً يمكنهم أن يفعلوا أمراً كهذا».
ويسمح الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر بالكشف عن وثائق عسكرية لا يعود لنشرها ضرر على أمن الدولة اليهودية. وتشير الوثيقة هذه إلى محضر نقاشات قادة عسكريين، بينهم أيضاً قائد الجبهة الشمالية في الحرب الجنرال اسحق حوفي وقائد سلاح الطيران، حول استنتاجاتهم من الحرب. ويوضح الجنرال شافير الحوادث التي تم فيها سلب الجنود لأغراض رفاقهم القتلى أو الأسرى. ويبدي صدمته وقلقه الشديدين من هذه الظاهرة التي يصفها بأنها «نقطة مؤلمة لم تحل حتى اليوم».
ويقول شافير «إنه لم يتسن لي الإطلاع على ما جرى في مسألة إتمام العتاد في المعسكرات الخلفية، ولكني رأيت ما جرى في سيناء، وأنا ملزم بالقول إن تخريباً كهذا لم أشهده في حياتي، وما أبقاه الجنود في مدرسة المدرعات ونزلوا من هناك (لسيناء والجبهة الجنوبية) أو ما أبقاه الجنود في المعسكرات الخلفية في سيناء.. لا أعرف من فعل ذلك، ولكن هذا هو شعب إسرائيل وهؤلاء أبناؤه. لقد خربوا كل شيء، وفتحوا الحقائب، ومزقوا، وأخرجوا وفتشوا وأبقوا كل ما كان كما في مزبلة. لا أفهم كيف أن يهوداً وجنوداً يمكنهم فعل شيء كهذا».
وتوضح هذه الوثائق السلوكيات غير الأخلاقية وغير الرفاقية في الجيش، والتي تعبر ربما عن صورة الواقع البائس والفوضوي الذي شاع خلف الكواليس أثناء الحرب، وضعف الزعامة وانعدام الترتيب في أيام القتال تلك. بل إن الجنرال شافير يشير في كلامه إلى أن المسؤولية عن هذا السلوك غير الرفاقي وغير المحترم تقع على عاتق القادة أنفسهم. وقال «أنا أفترض أن بالوسع إلقاء جزء من التهمة أيضا على القادة أنفسهم».
وأشارت الوثائق إلى أن ظاهرة السرقة من الأعداء في الحرب، وهي ظاهرة منبوذة، معروفة في تاريخ كل دولة شاركت في الحروب. ومع ذلك فإن الحديث عن ظاهرة السلب والسرقة في صفوف الجنود أنفسهم، وهي ظاهرة تمس بالعائلات الثكلى التي تطلب الاحتفاظ بأغراض أبنائها، ليست شائعة. فالعائلات تأتي للمعسكرات تطالب بما يذكرها بأعزائها فلا تجد شيئاً، وقد تتعرض لنكسة لرؤية حقيبة الابن ممزقة وترى أن أغراضه مسروقة.
مع ذلك فإن المؤرخ العسكري العميد احتياط داني آشير يقول إنه رغم عدم أخلاقية هذه الظاهرة إلا أنها شائعة في واقع الحروب. ويقول إن «هذا جزء من الحرب ومندرج فيها، حيث لا يتم التدقيق في الأغراض، وحتى عندما يتبين لاحقاً أنها لأحد القتلى». ويضيف إن الكثير من الجنود في حرب تشرين دخلوا معسكرات، وأخذوا أغراض جنود آخرين، ولكن قد لا يكون ذلك بسوء نية.