الحكومة تهرب إلى الأمام مجدداً ...هجرة السوريين إلى الموت: الضغوط المعيشية ومافيا الحرب في صلب المأساة

الحكومة تهرب إلى الأمام مجدداً ...هجرة السوريين إلى الموت: الضغوط المعيشية ومافيا الحرب في صلب المأساة

أخبار سورية

الخميس، ٣ سبتمبر ٢٠١٥

إذا كانت الحكومة لم تسمع باجتياح الجوع مدينة دير الزور إلا بعد ثمانية أشهر من حصار "داعش" لها، فمن المؤكد أنها بحاجة إلى سنوات حتى تشعر بمرارة وقسوة الموت، الذي يتعرض له أطفال ونساء وشباب سورية في رحلة اللجوء بحثاً عن الأمان والمستقبل الأفضل!!. وحتى إن شعرت..فماذا هي فاعلة؟.

في الجلسة الأسبوعية الأخيرة لها، أكدت الحكومة أنها عاجزة تماماً عن تحمل المسؤولية، وتفتقد للجرأة والمنطق، إذ عوضاً عن مناقشتها الأسباب التي تدفع السوريين من مختلف الأعمار والفئات للهجرة رغم ارتفاع مخاطرها وتكلفتها، هربت إلى الأمام وصبت جام غضبها على مافيا وعصابات التهريب التي يتواجد معظمها خارج البلاد.

 أي أنها حصرت المأساة بأسباب خارجة عن إرادتها، للتغطية على الأسباب الحقيقية التي تتحمل مسؤوليتها. في واقع الأمر، لم ينل ملف هجرة السوريين إلى دول أوروبا ما يستحقه من نقاش موضوعي وتحليلي، إذ لم يقدم باحث أو جهة علمية دراسة تفصيلية عن الأسباب الحقيقية التي تدفع آلاف السوريين إلى المغامرة وركوب "قوارب الموت"...هل هي فعلاً شظايا الحرب ورصاص معاركها وقذائف مدافعها فقط؟ أم أن فقدان الأمل بإمكانية انتهاء الحرب وعودة الأمان والاستقرار له دور ؟ أم أن السبب يكمن في التدهور الاقتصادي والضغوط المعيشية الهائلة التي باتت تئن العائلة السورية من حملها؟.

 لنعترف بداية أن الشريحة الأوسع من المواطنين المهاجرين تنطلق من المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، وأنه إضافة لشريحة الشباب هناك كثير من النساء والأطفال وكبار السن ركبوا أيضاً قوارب الموت وساروا في الجبال والوديان...

هذا يقودنا إلى القول: إن سوء الأوضاع الاقتصادية وفقدان الأمل من أهم الأسباب الرئيسية في مغامرة السوريين لبلادهم، والحكومة الحالية تتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، فالإجراءات الاقتصادية التي تتبعها منذ نحو عامين في معالجة وإدارة الشأن الاقتصادي ضاعفت من حجم الضغوط المعيشية على المواطن، وزادت بنسبة كبيرة جداً من عدد الفقراء والمحرومين.

 كما أن شيوع الفساد ومافيا الحرب وتجار العنف وعجز الحكومة أو غضها الطرف عن مواجهة ذلك، أسهم في إضعاف أو قتل الأمل في حياة السوريين، فما الذي يبقي شخص فقد منزله وعمله وليس لديه ما يطمئنه حيال مستقبل أولاده؟ وإلى متى يمكن لموظف يتقاضى راتباً لا يكفيه إلا لأسبوع أن يصبر؟ وهل بيئة العمل القائمة حالياً تشجع أصحاب المهن والاختصاصات العلمية والكفاءات الفنية على الاستمرار في العمل؟.

 لذلك قبل أن تتحدث الحكومة عن محاسبة مجرمي التهريب والمتاجرة بالمهاجرين، عليها أولاً أن تعترف وتعالج الأسباب التي تدفع بالضحايا للوقوع في براثن هذه الشبكات، وهذه مهمة تحتاج إلى عقول جديدة في إبداع الحلول، وكفاءات تميل إلى العمل والفعل أكثر من التنظير ورسم الخطط على الورق.

 هامش1: هل سأل أعضاء الحكومة أنفسهم لماذا يضطر طبيب جراح إلى ركوب البحر مع عائلته للوصول إلى دولة أوروبية طلباً للجوء؟

 هامش2: هل سأل أعضاء الحكومة أنفسهم لماذا ظاهرة الإقبال على الهجرة لم تخف وتيرتها رغم صور الموت المرعبة التي انشغل بها العالم خلال الفترة الأخيرة؟