الدخل المحدود.. لعنة المرحلة والحكومة مشغولة عن قرارات الصمود!!
الأزمنة
السبت، ٦ فبراير ٢٠١٦
الأزمنة – مجد سليم عبيسي
رغم أن الشهر الأول من العام الجديد لم يتم بعد، إلا أن القرارات الحكومية برفع الأسعار استهلته بحفنة مبشرة تنم عن "العمل الحكومي المضني" في سبيل تعزيز صمود المواطن السوري في وجه الأزمة والغلاء.
لم تكتف الحكومة من قرارات رفع الأسعار من عام 2015 والتي بلغت قرابة 20 قراراً أنهكت الشعب والمواطن، وسحقت طبقات كانت تتمسك برونق الحياة.. لكنها استمرت على ديدنها في العام السابق غير آبهة بما فعلته قرارات 2015 بالسوريين!!
فبدلاً من اتخاذ إجراءات تحد من تفاقم الأزمة، وبدلاً من ممارسة صلاحياتها وسلطاتها في قمع ظواهر التفلت الاقتصادي والتضخم في الأسواق، تلجأ إلى الإقرار بالأمر الواقع والرضوخ لرفع سعر المواد كافة ليزداد يقين المواطن بأنها ليست حكومة أزمة على الإطلاق!!. متجاوزة جميع مقترحات جمعية حماية المستهلك والصحافيين الاقتصاديين وأولي الخبرة في المجال الاقتصادي ومطبقة ما فيه زيادة الهم لذوي الدخل المحدود، مقابل إطلاق يد التجار وأرباب الأزمات من دون أي تبريرات مقنعة تكفكف دمع محدود الدخل!!.
استهلال 2016 بالرفع..
العلف والسكر والطحين والرز.. أسعار ازدادت تباعاً مع بداية 2016. حيث ازداد سعر طن العلف المستورد /3000/ ليرة سورية اليوم ليصبح بذلك سعر الطن المستورد /149/ ألف ليرة سورية ما سينعكس سلباً على واقع تربية الدواجن ويؤدي إلى ارتفاع أسعار البيض والفروج علاوة عن الارتفاع الذي تشهده الأسواق السورية اليوم.
والسبب الرئيس يعود إلى قرار منح إجازات الاستيراد الجديد، الذي يفرض على المستورد دفع 50% من قيمة الإجازة لبعض المواد المستوردة كالذرة الصفراء و100% من قيمة إجازة استيراد مواد أخرى. ما يلزم المستورد عند تطبيقه للقرار بدفع ثمن بضاعته مرتين، أول مرة للشركة صاحبة البضاعة والثانية لـ "المصرف المركزي" على شكل مؤونة!! على أن يتم تحرير هذه المؤونة عند إتمام عملية الاستيراد أو في حال إلغاء الإجازة أصولاً.
وطبعاً هذا يؤدي –كما يراه مستوردون- إلى تجميد الأموال، وبالتالي سينعكس على رفع التكاليف وزيادة في الأسعار. وبدأت بارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة ليسجل منذ تاريخ صدور قرار منح إجازات الاستيراد الجديد ارتفاعاً مقداره /7000/ ل.س. علماً أن سعر استيراد الـطن قبل القرار كان /142/ ألف ل.س أما اليوم فأصبح يستورد بـ /149/ ألف ليرة بعد أن وصل سعر الذرة الصّفراء إلى 90 ل.س والصّويا إلى 190 ل.س، وسيترتب على ذلك زيادة لا تقل عن 10 ل.س لكيلو الفروج الحي وازدياد في أسعار البيض.
بالمقابل يشير بعض الخبراء في قطاع الدواجن إلى أنه من الممكن أن ينعكس القرار إيجاباً على سعر العملة ولكن إلى أن تظهر نتائجه الإيجابية يكون وضع تربية الدواجن قد أصبح سيئاً للغاية لأن 90% من ارتفاع منتجات الدواجن سببه تكاليف التربية والارتفاع الكبير بسعر العلف المستورد، فنتائج القرار السلبية أثرت في التجار وأدت إلى عزوف بعضهم عن الاستيراد، وذلك سينعكس على المستهلك بالدرجة الأولى. إلا إذا تم فتح باب الاستيراد وإلغاء القيود وتسهيل منح إجازات الاستيراد للتجار، ما قد يخفف من وطأة الارتفاع على المدى القريب.
ومن جهة أخرى شهدت أسعار السلع الغذائية الرئيسية في الأسواق ارتفاعات مفاجئة خلال الأيام الماضية، وبشكل رئيسي السكر والطحين والرز.
وأشار أحد تجار المواد الغذائية، إلى أن سعر طن السكر للكميات الكبيرة ارتفع ليبلغ 220 ألف ليرة، ولن يصل الكيلو للمستهلك بأقل من 250 ليرة، وهذه الأسعار يفرضها مستوردو السكر الذين لا يتجاوز عددهم ثلاثة، كما ارتفع سعر طن الطحين بحدود 30 ألف ليرة خلال الأسبوع الماضي، وشهدت أسعار الأرز ارتفاعاً بنسب مختلفة.
ويذكر محللون أن رفع مصرف سورية المركزي لسعر دولار تمويل المستوردات من 357 ليرة إلى 387 ليرة شكل عاملاً مهماً في رفع أسعار هذه السلع وغيرها من المواد الأولية للصناعة التي يقوم بتمويلها، كما أن قرار وزارة الاقتصاد رقم 703 والذي ألزم المستورد دفع نسبة من قيمة إجازة الاستيراد تعادل نصف قيمتها أو قيمتها كاملة أحدث حالة من الإرباك في السوق، حيث بات المستورد بحاجة لدفع ثمن بضاعته مرتين قبل استيرادها، فالشركات التي تصدر لسورية لا تقوم بتحويل أي مواد قبل استلام ثمنها كاملاً.
وأوضح عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها طوني بيتنجانة في تصريح صحافي أن لجان القطاع الغذائي في غرفة صناعة دمشق وريفها ناقشت تداعيات القرار 703 الذي لم تصدر تعليماته التنفيذية حتى الآن، وهنالك بعض الأمور غير واضحة وتؤثر في الأسعار وبالتالي لم تمنح إجازات استيراد خلال الفترة الماضية للمواد التي تتأثر بالقرار وهذا ما أدى إلى بدء ارتفاع الأسعار.
متى ينقسم ظهر البعير؟!
ومن استمرار سياسة الحكومة باستصدار القرارات التي من شأنها تحميل المواطن السوري أعباء أكبر من قدرته على التحمل.. تأتي التخوفات من القشة التي ستقسم ظهر البعير، بعد الارتفاعات اليومية بأسعار معظم السلع والمواد الغذائية التي تشهدها الأسواق المحلية بشكل تواتري وشبه يومي، فالمستهلك بات حائراً لا يدري كيف يواجه هذه الأسعار وخاصة أن دخله بات محدوداً كثيرا مقارنة مع تضخمها.
فالدخل المحدود هو لعنة هذه المرحلة إذ يدخل الملعون بالأسعار إلى بائع الخضار اليوم ويشتري بضع حبات من مكونات الطبخة ويخرج بـ 2000 ليرة تقريباً، أي أجرة عمل يومين مقابل غداء ليوم واحد فقط.. هذا من دون باقي الوجبات والمصروفات من الفواتير والطبابة والتعليم والـ..، فالخضار ركبت موجة الدولار والقرارت الحكومية أيضاً ركبتها على مبدأ "ماحدا أحسن من حدا" فكان الحديث يقتصر على الكوسا واليوم وصل للبطاطا التي باتت عصية على الفقراء أنفسهم بعد أن بلغ سعرها 200 ليرة للكيلو، وفرّ المستهلك إلى الفواكه المحلية طبعاً، مثل الكرمنتينا والبرتقال ليشبع حاجته من الفواكه لكونها أرخص الموجود في أسواقنا، وابتعد كل البعد عن اللحوم بجميع ألوانها الحمراء والبيضاء، فكيلو لحم الخروف أصبح بـ4250 ليرة وكيلو الفروج المنظف بات بـ900 ليرة حتى مشتقات الحليب طالها ارتفاع الأسعار، فكيلو اللبنة حالياً بلغ 800 ليرة وعلبة اللبن باتت بـ370 ليرة وأصبحت تتقلص يوماً بعد يوم من دون رقيب ووزنها لا يتجاوز 900 غرام، فماذا يأكل المستهلك بدخل لا يتجاوز بالمتوسط 30 ألف ليرة شهرياً وأقل تكلفة لأي وجبة غذائية لأسرة مكونة من 5 أشخاص تتجاوز 2500 ليرة كحد أدنى..؟!
هذا الجانب لا تناقشه الحكومة في اجتماعاتها، ولا تستصدر قرارات من شأنها رفع الحمل عن كواهل هذه الطبقات التي باتت أغلبية في المجتمع السوري اليوم؟! بل حتى لا تناقش المقترحات المطروحة بالإعلام حول تجاوز غلاء المعيشة والقفز عن عتبة ارتفاع الأسعار مقارنة بالدخل الثابت!!
رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عدنان دخاخني، أوضح أن الأسواق حالياً شهدت ارتفاعات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن كل الشكاوى التي تتلقاها الجمعية بشكل يومي تتعلق بارتفاع الأسعار وعدم مناسبتها للدخل.
وأشار في تصريح لإحدى الوسائل الإعلامية أن المستهلك بات يحتار ولم يعد باستطاعته تدبر أمور معيشته، ماذا يشتري، وهناك سلع أساسية لا يمكن أن يستغني عنها مثل السكر والشاي والخضار وكلها أصبحت غير ملائمة مع دخله؟!.
ووصف دخاخني الوضع المعيشي للمستهلك بـ”المأساوي” حيث أصبح هناك سعر جديد في كل يوم لأي سلعة، وأنه يجب على الحكومة أن تتدخل سريعاً وأن تقدم سللاً غذائية بأسعار مدعومة للفقراء وذوي الدخل المحدود.
وأكد رئيس الجمعية أن عدم خفض الأسعار هي مسؤولية الحكومة، مشيراً إلى أن هناك فارقاً في القدرة الشرائية يصل إلى 350 ليرة لكل دولار مقارنة مع بداية الأزمة، متسائلاً: "أين تعويض ذلك على المواطن، وخاصة أن هذا الارتفاع له قيمة شرائية، فأين ذهبت؟".
مقترحات تنتظر الإصغاء:
المواطن السوري المهجر اليوم أمام معادلة صعبة للغاية وهي عدم قدرة الموازنة بين دخله والأسعار المرتفعة، خصوصاً مع وجود بدلات الإيجارات العقارية المرتفعة جداً والتي تلتهم معظم دخل الأسر المهجرة.
أسعار الإيجارات ارتفعت حقاً بشكل غير منطقي، فالذي كان يؤجر الشقة بـ 10 آلاف ليرة أصبح يضع إيجاراً بـ 80 ألف ليرة، أي إن الموظف أو ذوي الدخل المحدود عليهم أن يعملوا طوال أيام الشهر بأكثر من عمل لكي يستطيعوا أن يدفعوا أجرة الشقة فقط، فكيف لهم أن يأكلوا ويلبسوا ويشربوا؟..
كما أن قطاع الشقق لم يتأثر بسعر الصرف وليس على تماس بحركات الاستيراد، إذ إن معظم الشقق هي بناء قديم ما قبل الأزمة.. وحين يجبر المواطن على دفع إيجار 25 ألف ليرة سورية على الأقل.. فهذا يعني أن يدفع دخله كاملاً تقريباً، ويحول اعتماده في المعيشة على دخل زوجته أو على عمل إضافي.. وفي الحالتين فإن الدخل الإضافي لا يسد ثغر ارتفاع الأسعار.
وبالتالي سيبقى المواطن تحت خط الفقر وسيكتفي بوجبة واحدة هو وأسرته أغلب الأيام!!
مقابل عدم اتخاذ الحكومة أي إجراء يجبر أصحاب العقارات حتى اليوم على الالتزام ببدل محدد للإيجارات يتناسب مع المساحة والمنطقة والمعطيات الأخرى.. وبشكل أساسي مع متوسط الدخل اليوم. بحيث لا يفنى الذئب ولا يموت الغنم.
ولكن ترك الحبل على الغارب وعدم إشغال الحكومة نفسها بقرارات من شأنها تعزيز قدرة السوري على الصمود، مقابل قرارات رفع الأسعار المتتالية يجعل إشارات الاستفهام مزدحمة حول قدرات الحكومة الفعلية على استيعاب الأزمة والوصول بالشعب السوري إلى برِّ النجاة..!!.
وإضافة لذلك هناك أفكار مطروحة من خبراء في الاقتصاد السوري من شأنها تحسين أوضاع المعيشة لمحدودي الدخل.. كأن يتحمل قطاع الأعمال السوري مسؤوليته الاجتماعية تجاه المجتمع، بعد أن خلقت الأزمة طبقتين إحداها لا تجد كسرة الخبز وأخرى، فتحت لها ليلة القدر، وأن تبحث الحكومة عن المؤسسات الاقتصادية التي لم تتأثر كثيراً بعوامل الأزمة وعملها لا يزال يسير بشكل طبيعي، وأن تتعاون معها ومع غرف التجارة والصناعة واتحاد الحرفيين لتقديم مساعدة لذوي الدخل المحدود عبر الجمعيات الخيرية أو غيرها، إضافة إلى من يعمل بهذا الأمر اليوم والذي لا يشكل نسبة راجحة أمام المأساة الكبيرة الفعلية لمحدودي الدخل.
رغم أن الشهر الأول من العام الجديد لم يتم بعد، إلا أن القرارات الحكومية برفع الأسعار استهلته بحفنة مبشرة تنم عن "العمل الحكومي المضني" في سبيل تعزيز صمود المواطن السوري في وجه الأزمة والغلاء.
لم تكتف الحكومة من قرارات رفع الأسعار من عام 2015 والتي بلغت قرابة 20 قراراً أنهكت الشعب والمواطن، وسحقت طبقات كانت تتمسك برونق الحياة.. لكنها استمرت على ديدنها في العام السابق غير آبهة بما فعلته قرارات 2015 بالسوريين!!
فبدلاً من اتخاذ إجراءات تحد من تفاقم الأزمة، وبدلاً من ممارسة صلاحياتها وسلطاتها في قمع ظواهر التفلت الاقتصادي والتضخم في الأسواق، تلجأ إلى الإقرار بالأمر الواقع والرضوخ لرفع سعر المواد كافة ليزداد يقين المواطن بأنها ليست حكومة أزمة على الإطلاق!!. متجاوزة جميع مقترحات جمعية حماية المستهلك والصحافيين الاقتصاديين وأولي الخبرة في المجال الاقتصادي ومطبقة ما فيه زيادة الهم لذوي الدخل المحدود، مقابل إطلاق يد التجار وأرباب الأزمات من دون أي تبريرات مقنعة تكفكف دمع محدود الدخل!!.
استهلال 2016 بالرفع..
العلف والسكر والطحين والرز.. أسعار ازدادت تباعاً مع بداية 2016. حيث ازداد سعر طن العلف المستورد /3000/ ليرة سورية اليوم ليصبح بذلك سعر الطن المستورد /149/ ألف ليرة سورية ما سينعكس سلباً على واقع تربية الدواجن ويؤدي إلى ارتفاع أسعار البيض والفروج علاوة عن الارتفاع الذي تشهده الأسواق السورية اليوم.
والسبب الرئيس يعود إلى قرار منح إجازات الاستيراد الجديد، الذي يفرض على المستورد دفع 50% من قيمة الإجازة لبعض المواد المستوردة كالذرة الصفراء و100% من قيمة إجازة استيراد مواد أخرى. ما يلزم المستورد عند تطبيقه للقرار بدفع ثمن بضاعته مرتين، أول مرة للشركة صاحبة البضاعة والثانية لـ "المصرف المركزي" على شكل مؤونة!! على أن يتم تحرير هذه المؤونة عند إتمام عملية الاستيراد أو في حال إلغاء الإجازة أصولاً.
وطبعاً هذا يؤدي –كما يراه مستوردون- إلى تجميد الأموال، وبالتالي سينعكس على رفع التكاليف وزيادة في الأسعار. وبدأت بارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة ليسجل منذ تاريخ صدور قرار منح إجازات الاستيراد الجديد ارتفاعاً مقداره /7000/ ل.س. علماً أن سعر استيراد الـطن قبل القرار كان /142/ ألف ل.س أما اليوم فأصبح يستورد بـ /149/ ألف ليرة بعد أن وصل سعر الذرة الصّفراء إلى 90 ل.س والصّويا إلى 190 ل.س، وسيترتب على ذلك زيادة لا تقل عن 10 ل.س لكيلو الفروج الحي وازدياد في أسعار البيض.
بالمقابل يشير بعض الخبراء في قطاع الدواجن إلى أنه من الممكن أن ينعكس القرار إيجاباً على سعر العملة ولكن إلى أن تظهر نتائجه الإيجابية يكون وضع تربية الدواجن قد أصبح سيئاً للغاية لأن 90% من ارتفاع منتجات الدواجن سببه تكاليف التربية والارتفاع الكبير بسعر العلف المستورد، فنتائج القرار السلبية أثرت في التجار وأدت إلى عزوف بعضهم عن الاستيراد، وذلك سينعكس على المستهلك بالدرجة الأولى. إلا إذا تم فتح باب الاستيراد وإلغاء القيود وتسهيل منح إجازات الاستيراد للتجار، ما قد يخفف من وطأة الارتفاع على المدى القريب.
ومن جهة أخرى شهدت أسعار السلع الغذائية الرئيسية في الأسواق ارتفاعات مفاجئة خلال الأيام الماضية، وبشكل رئيسي السكر والطحين والرز.
وأشار أحد تجار المواد الغذائية، إلى أن سعر طن السكر للكميات الكبيرة ارتفع ليبلغ 220 ألف ليرة، ولن يصل الكيلو للمستهلك بأقل من 250 ليرة، وهذه الأسعار يفرضها مستوردو السكر الذين لا يتجاوز عددهم ثلاثة، كما ارتفع سعر طن الطحين بحدود 30 ألف ليرة خلال الأسبوع الماضي، وشهدت أسعار الأرز ارتفاعاً بنسب مختلفة.
ويذكر محللون أن رفع مصرف سورية المركزي لسعر دولار تمويل المستوردات من 357 ليرة إلى 387 ليرة شكل عاملاً مهماً في رفع أسعار هذه السلع وغيرها من المواد الأولية للصناعة التي يقوم بتمويلها، كما أن قرار وزارة الاقتصاد رقم 703 والذي ألزم المستورد دفع نسبة من قيمة إجازة الاستيراد تعادل نصف قيمتها أو قيمتها كاملة أحدث حالة من الإرباك في السوق، حيث بات المستورد بحاجة لدفع ثمن بضاعته مرتين قبل استيرادها، فالشركات التي تصدر لسورية لا تقوم بتحويل أي مواد قبل استلام ثمنها كاملاً.
وأوضح عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها طوني بيتنجانة في تصريح صحافي أن لجان القطاع الغذائي في غرفة صناعة دمشق وريفها ناقشت تداعيات القرار 703 الذي لم تصدر تعليماته التنفيذية حتى الآن، وهنالك بعض الأمور غير واضحة وتؤثر في الأسعار وبالتالي لم تمنح إجازات استيراد خلال الفترة الماضية للمواد التي تتأثر بالقرار وهذا ما أدى إلى بدء ارتفاع الأسعار.
متى ينقسم ظهر البعير؟!
ومن استمرار سياسة الحكومة باستصدار القرارات التي من شأنها تحميل المواطن السوري أعباء أكبر من قدرته على التحمل.. تأتي التخوفات من القشة التي ستقسم ظهر البعير، بعد الارتفاعات اليومية بأسعار معظم السلع والمواد الغذائية التي تشهدها الأسواق المحلية بشكل تواتري وشبه يومي، فالمستهلك بات حائراً لا يدري كيف يواجه هذه الأسعار وخاصة أن دخله بات محدوداً كثيرا مقارنة مع تضخمها.
فالدخل المحدود هو لعنة هذه المرحلة إذ يدخل الملعون بالأسعار إلى بائع الخضار اليوم ويشتري بضع حبات من مكونات الطبخة ويخرج بـ 2000 ليرة تقريباً، أي أجرة عمل يومين مقابل غداء ليوم واحد فقط.. هذا من دون باقي الوجبات والمصروفات من الفواتير والطبابة والتعليم والـ..، فالخضار ركبت موجة الدولار والقرارت الحكومية أيضاً ركبتها على مبدأ "ماحدا أحسن من حدا" فكان الحديث يقتصر على الكوسا واليوم وصل للبطاطا التي باتت عصية على الفقراء أنفسهم بعد أن بلغ سعرها 200 ليرة للكيلو، وفرّ المستهلك إلى الفواكه المحلية طبعاً، مثل الكرمنتينا والبرتقال ليشبع حاجته من الفواكه لكونها أرخص الموجود في أسواقنا، وابتعد كل البعد عن اللحوم بجميع ألوانها الحمراء والبيضاء، فكيلو لحم الخروف أصبح بـ4250 ليرة وكيلو الفروج المنظف بات بـ900 ليرة حتى مشتقات الحليب طالها ارتفاع الأسعار، فكيلو اللبنة حالياً بلغ 800 ليرة وعلبة اللبن باتت بـ370 ليرة وأصبحت تتقلص يوماً بعد يوم من دون رقيب ووزنها لا يتجاوز 900 غرام، فماذا يأكل المستهلك بدخل لا يتجاوز بالمتوسط 30 ألف ليرة شهرياً وأقل تكلفة لأي وجبة غذائية لأسرة مكونة من 5 أشخاص تتجاوز 2500 ليرة كحد أدنى..؟!
هذا الجانب لا تناقشه الحكومة في اجتماعاتها، ولا تستصدر قرارات من شأنها رفع الحمل عن كواهل هذه الطبقات التي باتت أغلبية في المجتمع السوري اليوم؟! بل حتى لا تناقش المقترحات المطروحة بالإعلام حول تجاوز غلاء المعيشة والقفز عن عتبة ارتفاع الأسعار مقارنة بالدخل الثابت!!
رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عدنان دخاخني، أوضح أن الأسواق حالياً شهدت ارتفاعات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن كل الشكاوى التي تتلقاها الجمعية بشكل يومي تتعلق بارتفاع الأسعار وعدم مناسبتها للدخل.
وأشار في تصريح لإحدى الوسائل الإعلامية أن المستهلك بات يحتار ولم يعد باستطاعته تدبر أمور معيشته، ماذا يشتري، وهناك سلع أساسية لا يمكن أن يستغني عنها مثل السكر والشاي والخضار وكلها أصبحت غير ملائمة مع دخله؟!.
ووصف دخاخني الوضع المعيشي للمستهلك بـ”المأساوي” حيث أصبح هناك سعر جديد في كل يوم لأي سلعة، وأنه يجب على الحكومة أن تتدخل سريعاً وأن تقدم سللاً غذائية بأسعار مدعومة للفقراء وذوي الدخل المحدود.
وأكد رئيس الجمعية أن عدم خفض الأسعار هي مسؤولية الحكومة، مشيراً إلى أن هناك فارقاً في القدرة الشرائية يصل إلى 350 ليرة لكل دولار مقارنة مع بداية الأزمة، متسائلاً: "أين تعويض ذلك على المواطن، وخاصة أن هذا الارتفاع له قيمة شرائية، فأين ذهبت؟".
مقترحات تنتظر الإصغاء:
المواطن السوري المهجر اليوم أمام معادلة صعبة للغاية وهي عدم قدرة الموازنة بين دخله والأسعار المرتفعة، خصوصاً مع وجود بدلات الإيجارات العقارية المرتفعة جداً والتي تلتهم معظم دخل الأسر المهجرة.
أسعار الإيجارات ارتفعت حقاً بشكل غير منطقي، فالذي كان يؤجر الشقة بـ 10 آلاف ليرة أصبح يضع إيجاراً بـ 80 ألف ليرة، أي إن الموظف أو ذوي الدخل المحدود عليهم أن يعملوا طوال أيام الشهر بأكثر من عمل لكي يستطيعوا أن يدفعوا أجرة الشقة فقط، فكيف لهم أن يأكلوا ويلبسوا ويشربوا؟..
كما أن قطاع الشقق لم يتأثر بسعر الصرف وليس على تماس بحركات الاستيراد، إذ إن معظم الشقق هي بناء قديم ما قبل الأزمة.. وحين يجبر المواطن على دفع إيجار 25 ألف ليرة سورية على الأقل.. فهذا يعني أن يدفع دخله كاملاً تقريباً، ويحول اعتماده في المعيشة على دخل زوجته أو على عمل إضافي.. وفي الحالتين فإن الدخل الإضافي لا يسد ثغر ارتفاع الأسعار.
وبالتالي سيبقى المواطن تحت خط الفقر وسيكتفي بوجبة واحدة هو وأسرته أغلب الأيام!!
مقابل عدم اتخاذ الحكومة أي إجراء يجبر أصحاب العقارات حتى اليوم على الالتزام ببدل محدد للإيجارات يتناسب مع المساحة والمنطقة والمعطيات الأخرى.. وبشكل أساسي مع متوسط الدخل اليوم. بحيث لا يفنى الذئب ولا يموت الغنم.
ولكن ترك الحبل على الغارب وعدم إشغال الحكومة نفسها بقرارات من شأنها تعزيز قدرة السوري على الصمود، مقابل قرارات رفع الأسعار المتتالية يجعل إشارات الاستفهام مزدحمة حول قدرات الحكومة الفعلية على استيعاب الأزمة والوصول بالشعب السوري إلى برِّ النجاة..!!.
وإضافة لذلك هناك أفكار مطروحة من خبراء في الاقتصاد السوري من شأنها تحسين أوضاع المعيشة لمحدودي الدخل.. كأن يتحمل قطاع الأعمال السوري مسؤوليته الاجتماعية تجاه المجتمع، بعد أن خلقت الأزمة طبقتين إحداها لا تجد كسرة الخبز وأخرى، فتحت لها ليلة القدر، وأن تبحث الحكومة عن المؤسسات الاقتصادية التي لم تتأثر كثيراً بعوامل الأزمة وعملها لا يزال يسير بشكل طبيعي، وأن تتعاون معها ومع غرف التجارة والصناعة واتحاد الحرفيين لتقديم مساعدة لذوي الدخل المحدود عبر الجمعيات الخيرية أو غيرها، إضافة إلى من يعمل بهذا الأمر اليوم والذي لا يشكل نسبة راجحة أمام المأساة الكبيرة الفعلية لمحدودي الدخل.