العلامة الدكتور عبد الكريم الأشتر ومحطات مضيئة في الفكر والإبداع..بقلم وسام طيارة
ثقافة
السبت، ٢٩ أكتوبر ٢٠١١
بين جنبات الإبداع تتوقد قناديل العلم بشموع قامات نذرت حياتها لتضيء الحاضر والمستقبل، وفي برهة الزمن تتقاطر المعرفة لتسيّج تلك الحدائق الجميلة، وبين هذا وذاك نبحث في نظريات الإنجاز وبوابات الإبداع. نعم إننا محكومون بالعمل في محطات الحياة المتنوعة، ومطالبون بامتلاك ثقافته وتعزيز فهمه، لقد أدرك قلة قليلة تلك النظرية واجتهدوا وقدموا للإنسانية جواهر علمية وأدبية ستظل خالدة في ضمير شعوبهم. واليوم نتحدث عن إحدى القامات الفكرية العربية السورية التي غادرتنا مؤخراً بعد أن أثرت بفكرها المنجب المشهد العربي الأكاديمي والعلمي والثقافي والأدبي بروائع متفردة، إنه العلامة والمفكر والناقد عبد الكريم الأشتر (1929- 2011) الذي زيّن بفلسفته الوجدانية لوحات جمالية من العطاء على مدار أكثر من خمسين عاماً، قضاها في التدريس والإعلام والدراسات، لقد عمل الراحل ببصيرته الممتلكة للبصر والفهم بعد أن امتلك أسرار المعرفة ومكوناتها، وقدّم بتواضع الكثير من المؤلفات التي تعتبر مراجع بحثية في مجال الأدب العربي مثل: القوالب الفنية، (دار الفكر الحديث بلبنان 1965)- التعريف بالنثر العربي الحديث وفنونه، (جامعة دمشق1983)- فنون النثر في المهجر (كتابان) (المضمون والصورة، دار الفكر بدمشق 1983) - معالم في النقد العربي، (جامعة دمشق 1983)- نصوص مختارة من النثر العربي الحديث: أعلام الرواد، (المكتبة الحديثة بدمشق1966)- دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل البيت (دار الفكر بدمشق1984)- المختار من كتاب الاعتبار لأسامة المنقذ (وزارة الثقافة بدمشق1980) - دراسات في أدب النكبة - الرواية (دار الفكر بدمشق 1975)- نصوص مختارة من الأدب العباسي (المكتبة الحديثة بدمشق 1969)- الصدى: من أدب المذكرات (دار الثريا بحلب2001)- مسامرات نقدية (دار القلم العربي بحلب 2002)- المقتطف من مجلس الوجد وأحاديث الألفة والسمر(دار الثريا بحلب 2002) - أوراق مهجرية: بحوث ومقاربات، أحاديث ورسائل (دار الفكر العربي بدمشق) - فواصل صغيرة في قضايا الفكر والثقافة العربية (دار طلاس بدمشق 2002) ألوان: قراءة في بعض المواقف الإنسانية والحركات الأدبية – (دار الرضا بدمشق 2003)- في ديوان العرب: أحاديث في الشعر والشعراء من عصر الجاهلية إلى العصر الحديث في ثلاثة أجزاء (الجزء الأول: العصر الجاهلي والعصر الإسلامي- الجزء الثاني: العصر العباسي والعصر المملوكي- الجزء الثالث: العصر العثماني والعصر الحديث (نُشرت بدار الرضا بدمشق 2004-2006)- العربية في مواجهة المخاطر (المكتب الإسلامي ببيروت 2006). وغيرها.
يقول الراحل في (حوار مع النفس) الذي نشرته مجلة المعرفة السورية العام المنصرم في حديث روحي بعيد يعود إلى بداياته: "ما معنى الإبداع؟ وما حدوده؟ وما لوازمه الفكرية والنفسية؟ وما الثقافة؟ وما مسالكها؟ وما غاياتها؟ وكيف ينبغي أن يكون محتواها اليوم؟ وما صلتها بالماضي وبالحاضر وبالمستقبل؟ وهل لحرية الفكر حدود؟ وهل يكون الموقف من الفكر الأوربي بغير حدود؟ وما حدوده؟" أسئلة ربما تحمل إيقاعات لكل مساره ومنجزه المعرفي ما بين النقد والأدب.
لقد أيقن الراحل بأن كل ألقاب الدنيا لا تغيّر من مقامه، لذا سعى إلى الاستثمار في ثقافة بناء الإنسان وخدمة الإنسانية، وبرز كاسم مهم في مجال النقد الأدبي والدراسات اللغوية حيث سمّي عضواً مراسلاً لمجمع اللغة العربية بدمشق وعضو جمعية النقد الأدبي وعضواً في اتحاد الكتاب العرب. وانتخب الراحل عضواً محكّماًً في جوائز عربية كبيرة مثل جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية وجائزة الشيخة فاطمة آل نهيان للكتابة للأطفال وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وألقى محاضرات على منابر عامة في الكثير من المناسبات ونشر في أهم الدوريات العربية التي تعنى بمواضيع النقد والأدب العربي.
لقد كان الأشتر قامة علمية وإنسانية مرموقة، وبرحيله خسرت الساحة الأكاديمية والثقافية واللغوية العربية أحد أهم أعلامها، وسيبقى نتاجه في ذاكرة الأجيال القادمة نبعاً متدفقاً بالعلم والأصالة.