القوة الكونية الخامسة
الباحثون
الخميس، ٢٣ يوليو ٢٠٠٩
بقلم المهندس فايز فوق العادة رئيس الجمعية الكونية السورية يتحدث العلماء منذ ثلاثة عقود عن قوة كونية خامسة تضاف إلى القوى الكونية الأربع المعروفة. ماذا عن هذه القوى؟ يتفق العلماء اليوم على وجود أربع قوى كونية، إذا صنفنا هذه القوى وفق شداتها المتناقصة تأتي القوة الكهرمغنطيسية في الترتيب الثاني وقوة الجذب الثقالي في الترتيب الرابع، إن المدى الخاص بكل من هاتين القوتين لا نهاية له كما ويتناقص الأثر الناجم عن كل منهما مع مربع المسافة، يقول علماء الفيزياء إن جسيمات وسيطة تحمل كلاً من هاتين القوتين بسرعة الضوء، تدعى الجسيمات الوسيطة في حالة الكهرمغنطيسية الفوتونات وفي حالة الجذب الثقالي الغرافيتونات، لازالت الغرافيتونات جسيمات افتراضية حتى اللحظة، أما عن القوتين المتبقيتين فنقول إن إحداهما وهي القوة النووية الشديدة تحتل الموقع المتقدم في ترتيب الشدات بينما تأتي القوة الأخرى وهي القوة النووية الضعيفة في الموقع الثالث، كما هو الحال مع الكهرمغنطيسية والجذب الثقالي، تتوسط الغليونات في حمل القوة النووية الشديدة وتتوسط البوزونات w+ و w- و zْ لنقل القوة الضعيفة، إن المدى الخاص بكل من هاتين القوتين محدود، تقترن كل قوة من هذه القوى بقطاع معين، تلعب المادة والطاقة دور القرين لكل من الجذب الثقالي والقوة النووية الضعيفة.
أما قرين الكهرمغنطيسية فهو مجمل الجسيمات المشحونة، أخيراً الهادرونات هي قرين القوة النووية الشديدة، اكتشف غاليله منذ أربعة قرون أن الأجسام تسقط في مجال الجذب الثقالي بنفس التسارع مهما كانت طبيعتها. إن القوة الكونية الخامسة شأناً مختلفاً افترض العلماء أن القوة المذكورة تتناسب مع عدد الباريونات في الجسم المتأثر بفعلها، إن عدد الباريونات هو مجموع عدد البروتونات وعدد النيوترونات في نواة الذرة، إن كان الأمر كذلك فإن تسارع الجسم الناجم عن القوة الكونية الخامسة يتغير من مادة لأخرى بخلاف ما لا حظه غاليله في حالة قوة الجذب الثقالي، هكذا قد تتحرك الذرات في كومة تراب بتسارعات مختلفة استجابة للقوة الكونية الخامسة، نظراً لصعوبة تصور هذا الأمر، تحول العلماء إلى افتراض آخر يربط القوة الكونية الخامسة بكمية نووية مغايرة تعرف بالأيرزوسبين. يكافئ الأيزوسبين نصف حاصل طرح عدد البروتونات من عدد النيوترونات في النواة، يبدو الافتراض الجديد للوهلة الأولى مكافئاً للافتراض الأقدم، حقيقة الأمر إن الافتراضيين بعيدان عن بعضهما، ففي حين يتفق الافتراضان على تبعية القوة الكونية لطبيعة الجسم المتاثر، نجد أن الافتراض الثاني يجعل تبعية هذه القوة لطبيعة الجسم أكثر حساسية على سبيل المثال وليس الحصر لا تتخلق أي قوة كونية خامسة في حالة الفحم والسيليكون لتساوي عدد البروتونات والنيوترونات في كل "من العنصرين، أما في عنصري الحديد والألمنيوم حيث يتجاوز عدد النيوترونات عدد البروتونات فتتواجد القوة الخامسة، يفسح الافتراض الثاني المجال أمام بروز قوة كونية خامسة باتجاه معاكس، فلو توقفنا عند جزيء الماء لوجدنا أن عدد النيوترونات فيه ينقص عن عدد البروتونات، يعني ذلك أن القوة الخامسة إن وجدت فستكون باتجاه معاكس، قد تتمخض هذه النتيجة عن توازنات محتملة في فعل القوة الكونية الخامسة تؤدي إلى إخفائها عن أعين الباحثين، إذا عمد هؤلاء بالتالي إلى البحث عن القوة الخامسة فلابد لهم أولاً من تحديد محتوى الأجواف الضحلة من الماء وكمية الرطوبة في التربة قبل أن يقرروا وجود أو عدم وجود القوة الكونية الخامسة، ذهب بعض العلماء إلى تصور فوتين كونيتين هما القوة الكونية الخامسة والقوة الكونية السادسة في سياق محاولاتهم تعليل بعض الآراء السابقة التي ذكرناها للتو، على أي حال، إن مدى القوة الكونية الخامسة هو بحدود مئة متر وقد يصل إلى ألف متر. نتحول إلى التجارب الخاصة بمحاولة إثبات أو نفي وجود القوة الكونية الخامسة، كان العالم الياباني ياسو نوري فيوجي أول من طرح إمكانية القوة الكونية الخامسة في العام 1970، لقد بُرمجت خطط عديدة لتجارب مختلفة بعد ذلك في محاولات متكررة للتحقق من وجود القوة، أتى التأييد الأول لوجود القوة عندما نقلت كرة نحاسية مجوفة مع خزان الماء الذي تطفو على سطحه إلى أعلى مرتفع شديد الميل، لاحظ الباحثون أن الكرة تحركت نحو حافة المرتفع بما يدل على وجود قوة الثقالي، صممت في نفس الوقت تجربة أخرى حيث وضع ميزان بالغ الحساسية على سفح تل بعيد وتم تعليقه بحبل رفيع خاص، لو كانت هناك قوة خامسة لعانى الحبل من فتل طفيف، إن ذلك لم يحدث ولم تتمخض التجربة عن أي دليل لوجود القوة الخامسة حتى واحد بالألف من قوة الجذب الثقالي، في تجربة ثالثة ألقى المجربون في حجرات مفرغة عينات من النحاس والأورانيوم وتابعوا تسارعات العينات بتطبيق تقنيات بحذف أي اضطراب قد ينجم عن شذوذات في الكتل، كانت نتائج التجربة سلبية فيما يتعلق بالقوة الخامسة، في تجربة رابعة، عُلّق ميزان حساس بحبل دقيق في جوار جدار استنادي من جهة ومرتفع من الغرانيت يصل أعلى منسوب فيه إلى 300 متر من جهة أخرى. دار الميزان بزاوية فتل تؤكد وجود قوة خامسة تتناسب مع عدد الباريونات، نُفذت تجربة خامسة افترض أصحابها أن معدلات تغير القوة الخامسة لا تطابق المعدلات المقابلة لقوة الجذب الثقالي. اختار هؤلاء مساحة ممتدة واسعة يتوسطها برج مرتفع، قاس المجربون بدقة شدة الجذب الثقالي عند نقاط منتشرة عبر المساحة وتابعوا عملهم على مناسيب متدرجة من البرج بدءاً من قاعدته إلى القمة، إن التغيرات في قوة الجذب الثقالي كانت مستمرة ومطابقة لنموذج نيوتن النظري. أما فيما يتعلق بالقوة الخامسة فكانت القراءات متناقضة، مما دفع المجربون إلى افتراض قوة متناقضة، مما دفع المجربون إلى افتراض قوة خامسة دافعة وقوة سادسة جاذبة، كررت نفس التجربة مع مراعاة تطوير الأدوات المستخدمة هذه المرة اختفت القوتان الخامسة والسادسة. لم ييأس العلماء، بل قرروا أن القوة الخامسة ربما كانت أضعف من قوة الجذب الثقالي بألف مرة أو بمئة ألف مرة بما يفسر فشل العديد من التجارب الهادفة لإثبات وجودها. وبينما استطاع بعض النظريين صياغة منظومة رياضية متماسكة لتوصيف القوة الخامسة، فإن المجتمع العلمي لازال بانتظار.. مراجعة الملفات التجريبية والنظرية للموضوع، الأمر الذي قد يقود إلى التفكير بقوى كونية إضافية. المراجع: 1- Rose, w.k 1973 Astrophysics, new york: Hotel, Rinehart, Winston. 2- fischbach,e,talmadge, c. 1998. the search for non-newtonian Gravity, new york, springer- verlag. 3- franklin, A. 1993, the rise and fall of the fifth, new york: American institute of physics.