النرجسية وعشق الذات..
الباحثون
الخميس، ٢٣ يوليو ٢٠٠٩
إن مصطلح النرجسية دقيق وشائك وحتى وقتنا الحاضر لم يستطع عالم تحديده في تعريف مختصر محدد واضح، فحتى الآن ظهرت عدة تعريفات له مثل: النرجسية هو انحراف، ثم مرحلة ليبيدية، حالة نكوصية (نوم، مرض عضوي، ذهان). فرويد: النرجسية تمركز الاهتمام السيكولوجي على الأنا. النرجسي هو من يحب نفسه جيداً ولكنه الذي يجب نفسه حباً سيئاً أو لا يحبه على الإطلاق. النرجسي هو الذي ينسحب من العالم ولكنه أيضاً هو الذي يدهشه بمآثره. النرجسية هي حب الذات وهي سمة للشخصية لدى جميع الأفراد ولكن بدرجات متباينة فمنهم من تكون نرجسيته واضحة وفهم من يمتلكها بدرجات قليلة، فالفرق هنا في الدرجة وليس في النوع. والشخصية النرجسية تشعر بالعظمة وحب الذات وبأنها شخصية نادرة الوجود وأنها نوع فريد لم يخلق مثله في العالم، لا يفهمها إلا نوع خاص من الناس ينتظر الاحترام والتقدير الخاص لشخصه وسلوكه وأفعاله من قبل الآخرين، شخص استغلالي، مستفز، ابتزازي. وصولي يستفيد من مزايا الآخرين ليرتفع على أكتافهم، غيور، منظر من الدرجة الأولى، يتكلم عن أمجاده وأعماله وأفكاره دون أن يطلب منه أحد، معتزاً بشكله وجماله وأناقته مريضاً بجنون العظمة في كل ما يفعل، متمركز حول ذاته، يستميت للحصول على المنافع لتحقيق أهدافه الشخصية متطرف في أفكاره لدرجة الخطورة طبعاً لمصلحته الذاتية "أنا وبعدي الطوفان". وعلماء النفس بشكل عام اهتموا بشكل كبير بهذه الشخصية الفريدة منذ عام 1905م. على يد الشهير فرويد حيث كتب في مقالة شهيرة له عن النرجسية بأنها "مرحلة انتقالية لحب الذات وشذوذ وانحراف ونمط لاختيار الموضوع وخلص إلى أن النرجسية بالنسبة له هي حب الذات المبالغ فيه". وحتى فرويد نفسه بدا منزعجاً لأنه لم يستطع تحديد موقع أو تعريف للنرجسية فهو يضعها في الأنا ثارة، وطوراً في الهو، ليسكنها في الأنا أخيراً. فكل منا يعرف شباناً صغاراً "المراهقة هي العمر النرجسي بامتياز" يعيشو في ضرب من الانفتاح الدائم للتقدير الذاتي المغالي والهاذي مع أنهم يشعرون، بالإنزعاج في الوقت نفسه، أي أنهم يكرهون أناهم الجسمية الخاصة التي يبحثون عن التخلص منها، جزئياً على الأقل، بفعل النشوة أن يكون المرء أن يكون المرء خارج جسمه التي يؤمنها المخدر لهم؟! فرويد النرجسية هي حالة منتشرة ولا متمايزة تشحن أجزاء من العضوية وهي في المرحلة البدئية الجنينية.. ولذلك فهي تؤمن للإنسان الشعور بالابتهاج والغبطة بوصفها كمالية وقوة كلية وبفخر بعيشه المرء، وكذلك بوهم الوحدانية التي كانت واقعية خلال الحياة الجنينية، وذلك موقف من مواقف جنون العظمة يرتبط به مفهوم القيمة المكافئ النفسي للحساسية العامة المقابلة، والنرجسية لها علاقة بالموضوع معينة، سلبية وإيجابية معاً "عزلة رائعة" وبحث جار علاقات الانصهار عن علاقة مرأوية وتلك مفارقة، وشعور بالرغبة في إيجاد الفردوس المفقود من جديد ونبذ هذه الرغبة التي ترغبها الأنا العليا "هذه الفترات من اللقاءات تعني بالنسبة للإنسان توحده بالله". الاندماج الناجم لهذا العامل النرجسي في الحياة الدافعية خلال حركة تطورية من النضج. وكذلك الخيار المبدئي لاختيار الحل النرجسي وصعوبة إبداله بحلول أخرى أكثر إرضاء من الناحية الاقتصادية "كل رجوع إلى الواقع محتقر ومنبوذ". فهذه السمات للشخصية النرجسية تقربه من سمة الخلق، فهو مريض بالكمال المطلق، رافضاً كل موجود على نحو تلقائي، رافضاً كل نبوة وحتى كل تسبيب عقلاني، إنه يتغذى من منابعة الخاصة، ويستمد قوته من مجرد وجوده "بوصفه كذلك". أما وصف مدرسة التحليل النفسي للنرجسية نجد أن النرجسية هي مؤشر مهم للثقة بالنفس والاعتداء بالذات واحترامها. ولكن بحدود معينة وأن مسألة تجاوز الحدود باتجاه لزيادة يؤدي إلى الغرور وبدوره الغرور المستمر يؤدي إلى النرجسية، والعكس من ذلك صحيح إذ إن انخفاض درجات النرجسية يعني عدم ثقة الفرد بقدراته وإمكاناته واحتقاره لنفسه مقارنة بالآخرين وبهذا فإنه أفضل مستويات النرجسية هي المستوى المتوسط كما هو الحال في درجة حرارة جسم الإنسان زيادتها عن 37 سْ وانخفاضها عن ذلك المستوى مؤشراً لحالة مرضية معينة وقولنا لشخص ما إن نرجسي يعني أن درجتها لديه عالية.. ودرجات النرجسية السوية والمرضية لدى الإناث أعلى منها لدى الذكور وخاصة في مرحلة المراهقة ومن أبرز مظاهرها كثرة استخدام المرأة وكثرة استخدام كلمة أنا، ولكن بعد الزواج والانشغال بالبيت والأطفال والعمل ينخفض مستواها إلى الحد الطبيعي. صفات الشخصية النرجسية إن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نرجسية في الشخصية غالباً يمتلكون مشاعر مهزوزة بالذات، غير واثقين من أنفسهم، شخصية شكاكة بنفسها وبالآخرين. يستجيبون بالغضب والصراخ والانفعال لأقل نقد يوجه إليهم لأنهم يشعرون بالمهانة والإذلال لذا ما أصيبت ذاتهم بالنقد، ولأنهم يشعرون بأن الجميع عليهم الإصغاء لآرائهم ولا يعرف الناس إذا كانت آراء هم إيجابية أم سلبية أو ماذا يريد هؤلاء قوله. مصابون بالتعجرف وعدم القدرة على إنشاء علاقات إيجابية مع الآخرين، "يسخرون يستهزؤون، يحرجون بكلامهم، حاسدين، يسفهون غيرهم، يحقدون عليهم، لا يريدون الخير لأحد، وهذا يشعرهم بالارتياح لإيذاء الآخرين مع أنهم تتضارب عنهم الانفعالات بين الشعور بالعظمة والشعور بالنقص الشديد جنباً إلى جنب، يشعرون دائماً بالملل والفراغ فالجميع يبتعد عنهم لأنه لا مجال للتعاطف أو التعاون معهم، يشعرون بالحيرة والتردد لا يحبون أحداً حتى آباءهم وأهلهم. من هو النرجسي؟ غالباً الإنسان النرجسي هو من الكتاب والفنانين ورجال السياسة، ولكن لم نشاهد في حياتنا مكيانيكياً جيداً نرجسياً، أو جراحاً، أو أي شخص من أصحاب الحرف؟ ربما لأننا نجد مسحة من التعالي الناتجة عن الثقة بالنفس زائدة، ولكن الشخص المتوازن عندما يخدم الآخرين فإنه يمد جسوراً من المحبة والتعاطف والتعاون مع الآخرين "نكون بشراً إخوة لهم". على خلاف مثلاً الزعيم الثوري الذي يشعر بأن شخصيته فريدة من نوعها وكذلك لا يقبل تقاسم السلطة مع غيره، الكل يسمعه ويطيعه وهو الذكي المعطاء المتفوق في أفعاله وأقواله وهذا ما يشير من قريب أو بعيد إلى حبه لشيء أو اهتمامه بشيء وقليل ما يحب أن يشاركه في حبه لذاته أحد لا من قريب ولا من بعيد وحتى أقرب المقربين له وهذا ما نشاهده كثيراً في دول كثيرة من العالم. ولعل أكبر وأكثر شخصية نرجسية في الأدب العربي هو المتنبي فقد أربك الشعراء والأدباء بشعره يقول المتنبي في صباه، أمط عنك تشبيهي بما وكأنما، فما أحد فوقي ولا أحد مثلي . إن هذا البيت قد أربك شراح الديوان، حتى قال أبو العلاء المعري في شرحه للديوان "إن ما" ليست من أدوات التشبيه، وقد أكثر الناس تأويلاً لهذا البيت. ولكن في شعر آخر للمتنبي يقول: أي محل أرتقي أي عظيم أتقي "مجزوء الرجز" وكل ما خلق الله وما لم يخلق محتقر عن همتي كشعرة من مفرقي إن هذه الأبيات تعكس نرجسية المتنبي بشكل صارخ وتخفي شيئاً آخر، هو الإحساس باللاجدوى، هذا الإحساس الذي ظهر في شعر الصبا بشكل جنيني سيعرف تطوراً في مرحلة النضج. وهذا يدل على أن المتنبي أحس بالتفوق في محيطه ولكنه كان يشعر بنقص اجتماعي ومن ثم أصبحت نرجسيته تعويضاً عن هذا الإحساس بالاضطهاد، فالذات تمعن في احتضان ذاتها كلما أوغل الواقع في إحباط النزعات الفردية، إلا أن النرجسية عند المتنبي ليست سلبية خصوصاً وأن مفهوم الرجولة يتصدر قائمة القيم الاجتماعية والعربية والاعتزاز بالأنا هو موضوعة تواتر بشكل كبير في الشعر العربي، وقد جاء المتنبي ليجسد نرجس الأسطوري في أرض الواقع العربي، وإن هذا التجسيد الذي أفضى بالأنا حد التضخم ليعد جانباً مهماً لإضاءة سر ارتباط العرب بشاعرهم المفضل. وبالمقابل نلاحظ ظهور نزعة سادية مجاورة للنزعة النرجسية حيث أن هاتين النزعتين تتعايشان في كيان واحد، وذلك نتيجة للتعامل المزدوج تجاه الإحباط الذي مني به الشاعر، فهو مرة يتعالى عليه ومرة يحس بالعبث واللاجدوى، وهذا يؤرجح الذات بين نوازع نرجسية هي المولدة للنزعة الحيوية وحب الحياة، ونوازع سادية لحب الموت والفناء، فهذه النزعة الأخيرة هي التي أبرزت في شعر المتنبي ميولاً مبكرة نحو تدمير الذات، وقد بلغت هذه النزعة التميرية للذات مبلغاً صريحاً في قوله: كفى بك داء أن ترى الموت شافياً وحسب المنايا أن يكن أمانيا تمنيتها لما تمنيت أن ترى صديقاً فأعيا أو عدداً مداجيا وهذه قيلت من المتنبي بحضرة كافور بعد رحيله عن سيف الدولة. هل المصاب بالنرجسية مريض؟! المشكلة الكبىر بأن النرجسي لا يدرك بأنه مريض ويحتاج إلى علاج وتغيير على الرغم أنه يلاحظ جفاء الآخرين وابتعادهم عنه، لأنه يرجع السبب بذلك لسلوكهم هم وليس له هو. وهذه كشفت إحدى الدراسات إلى وجود خاصتين هامتين للأشخاص النرجسيين وهما: 1- ميلهم إلى أن يكون لهم خط ثابت من الشعور بالعظمة وإعطاء قيمة عالية لأفضالهم الشخصية. 2- الميل إلى البحث عن المثالية في آبائهم أو بدائل آبائهم من حيث المركز الاجتماعي أو العطاء المادي كان أم المعنوي. أما ال معايير السلوكية التي تميز الشخصية النرجسية فهي: الانشغال بأوهام النجاح غير المحدودة والقوة والألمعية. الاستعراضية وحب الظهور. اللامبالاة الباردة أو المشاعر المميزة للحنق والدونية والضحالة في الاستجابة للنقد وعدم الاهتمام بالآخرين. المعنى المتعاظم لأهمية الذات أو الانفراد "التركيز على الإنجازات الشخصية". تذبذب العلاقات على نحو مميز بين الإفراط في المثالية وتبخيس الذات. الافتقار إلى التعاطف: كعدم القدرة على التعرف على ما يشعر به الآخرون. استغلال العلاقات بين الأشخاص، وعدم الاكتراث بالتكامل الشخصي وحقوق الآخرين. توقع الفرد أن يكون المفضل دائماً بغض النظر عن تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه. ما هو أصل كلمة نرجسية تعود كلمة نرجسية إلى أسطورة يونانية قديمة تقول: إن فتاة تدعى "صدى" هامت بحب فتى يدعى "نرجس" ومن فرط حبها له وإعجابها به سقمت حالها ومرضت بسببه ومن أجله كابدت وصبرت حتى أضناها هذا الحب وجعلها تذبل شيئاً فشيئاً حتى فارقت الحياة، ولكن الآلهة "يزعم الأسطورة" لم تترك الفتى دون عقاب، لذلك كان العقاب قاسياً عليه حتى أودى بحياته. كان العقاب أن يعشق نفسه بصورة مرضية عندما رأى صورت منعكسة على الماء، لذلك أخذ يجلس لساعات طوال أمام صورته بكل فخر وزهو واستمر على هذه الحالة حتى مرض نفسياً بسبب هذا التعلق الذاتي وما هي إلا فترة بسيطة حتى فقد عقله وفي إحدى خلواته وعشقه لنفسه قفز إلى بركة الماء ليمسك صورته ولكنه غرق ومات، وظهرت في مكانه زهرة سميت على اسمه نرجس، طبعاً هذه أسطورة لا يهمنا مدى واقعيتها كأسطورة بل مدى علميتها ووجودها في نفس الذات البشرية في حياتنا اليومية. وحتى نتأكد من أن النرجسية مرض نفسي فلنذهب إلى العيادات النفسية لنرى أن هناك كثير من النساء المصابات "بالفلمة" النسوية المرغمة على أن تهب نفسها لكل الرجال بفعل الحاجة النرجسية القاهرة إلى أن تكون محبوبة، وتغوي الرجال الباردة جنسياً التي ينبغي لها أن تفتن الرجال للسبب نفسه ولكنها التي ينبغي لها في الوقت نفسه، أن ترفض الاستسلام لهم بفعل النرجسية. ولدى المرأة التي تتزين والمرأة التي تهمل نفسها معتقدة أنها كاملة لا تحتاج لذلك وذلك أمرض يمضي بها إلى الهذيان. فالنرجسي هو من يحب نفسه جيداً ولكنه يحب نفسه حباً سيئاً أو لا يحبها على الإطلاق، وال نرجسي هو الذي ينسحب من العالم ولكنه أيضاً هو الذي يدهشه بمآثره. فالنرجسي هو من يحب نفسه جيداً ولكنه الذي يحب نفسه حباً سيئاً أو لا يحبها على الإطلاق. والنرجسي هو الذي ينسحب من العلام ولكنه أيضاً هو الذي يدهشه بمآثره والجنسي المثلي نرجسي، ولكن النرجسي الغيري الذي يعرض رجولته هو أيضاً.. الخ. فالتصور الدياليكتيكي للنرجسية ليس فقط قادراً على أن يقلص الاختلافات في اللوحات العيادية التي تقدمها المظاهر المتباينة لعلم أمراض النرجسية. ولكنه يمكنه أن يقدم ضرباً من تصنيف الأمراض وضرباً من وصف الأمراض على وجه الخصوص يكون تحليلياً نفسياً حقاً بدلاً من أن يكون محض اختباري كما ورثنا إياه الطب النفسي. كيف نعالج النرجسي؟ أولاً يجب الاتحاد النرجسي بين المحلِّل والمحلَّل، حيث النكوص النرجسي يؤدي دوراً معيناً في كل العلاجات، ولكن ما يختلف بصورة أساسية في التحليل إنما هو صيغة التزام المريض بالوضع العلاجي، والمسار الذي سيسلكه في الوضع التحليلي لأنه سيتخذ وجهاً ومظهراً مختلفين، وسيتقدم في بعد آخر ويفضي على وجه الخصوص إلى إنجازات تتجاوز الإطار العيادي، وله أهمية أساسية للفرد بوصفه فرداً، فكل هذه الوقائع تنتمي إلى الطريقة وحدها وتكون خاصيتها الحصرية. إذ يتعذر علينا تحليل أحد دون رضاه، ولا يمكننا معالجته إن لم يعالج نفسه، ولا يدخل التحليل من يريد، ولا بالطبع من لا يريد، أو من نريد أن يدخل، وهذا الأخير سيتيح لنا بالضرورة سبراً سطحياً ولكن دون تغيير بنيوي ولا شفاء. يقال بعبارات التحويل: لابد لك أول الأمر حتى تقبل التحويل على المحلِّل. والتغيرات الناجمة عنه، من أن يكون بمقدورك أن تريد إحداث تحويل على الطريقة ذاتها، وكون المرء محللاً أمر يجعل منه موجوداً متميزاً في المجتمع. وتلك أيضاً هي حال المحلَّل خلال مدة علاجه وبعد علاجه في بعض الأحيان. وهناك خاصية أخرى تمضي في الاتجاه نفسه هي الانتقال المتواتر من فئة المحللين إلى فئة المحلَّلين والعكس بالعكس لأن هؤلاء المحللين ينبغي لهم أن يكونوا بصورة ملزمة قد خضعوا للتحليل قبل أن يمارسوا مهنتهم، والفارق فيما يخص هذا الأمر الأخير، بارز بين تكوين المحللين وتكوين الأطباء الاختصاصيين الآخرين. ولكننا بشكل عام نرى أن هانك ارتكاس سلبي من النرجسي نحو التحليل ولذلك ليس على المحلَّل أن يؤمن بالتحليل فحسب، بل عليه أن يظهر موافقته عليه ولا تفوته مناسبة لفعل ذلك، وهذا الاتجاه ذو علاقة على وجه الاحتمال بالحاجة إلى أن يبين أنه تبنى أناه العليا وأنه تبناها على نحو حصري "وحدانية". وأولئك الذين يخضعون لتحليل ثان يشعرون بالحاجة إلى أن يغتابوا محللهم القديم "إي يقارنونه بالمحلل الحالي الذي يتملقونه ليبينوا أنهم نبذوا جيداً أناهم العليا والتي كان يمثلها المحلل الأول، وحتى لا يكون ثمة التباس "سيكولوجية التوبة والهداية". وسيقبل المحلل الثاني، وبخاصة إذا كان مبتدئاً والآخر خبيراً، هذا المديح عن طبيب آخر، مديحاً يكون ثنائي المشاعر دائماً وينبغي أن يحلل بعناية. وهناك من يرفضون التحليل بصخب وغضب، ويشتمون من يقترحه عليهم وتحمر وجوههم حالما يتكلم أحدهم عن التحليل وهي مقاومة لا مسوغ لها هذه المرة بوصفها كذلك، هي برهان أيضاً: فالفرد يبين على هذا النمو لأناه العليا الراهنة أنه يظل وفياً لها ولن يتصرف عنها إذا جاز القول. وهذا العنف يشي من جهة أخرى بالرغبة العنيفة في أن ينصرف عنها، مع أنهم بحاجة إلى هذا النوع من التحليل حيث المحلَّل يتكلم فإنه يشبع قبل كل شيء نرجسيته بصيغة من أكثر الصيغ مباشرة "فخ حقيقي، بالمناسبة حيث إغراء اللذة النرجسية يرفع الرقابة ضم نطاق معين، ويسهل خروج مشتقات المادة المكبوتة" وهذا ما يشعره بالارتياح والغبطة بأنه خرج من ذاته قليلاً قليلاً إلى الآخر. وهذا ما يعبر عنه ا لنرجسي بقوله أثناء وبعد العلاج "أشعر بأنني شفيت، كل شيء على ما يرام، إنني أكفي نفسي بنفسي من الآن فصاعداً ولم أعد بحاجة إليك"، على الرغم من أن المكونة النرجسية ستكون دائماً في نطاق معين حاضرة حتى نهاية العلاج وبعده لأن كمية معينة من الليبيدو تحتفظ بها الأنا دائماً بداخلنا وستظل كمية معينة من النرجسية موجودة على الرغم من حب للموضوع المحلل نام إلى أقصى درجة. هذا التطور يجري في بعض الأحيان مع ذلك بكثير من التحفظ، إذ إن نضج العلاقة بالموضوع يتلاحق بالظل إذا جاز القول، بمعونة استيهامات لا شعورية فالمرضى على أي حال يشعرون قليلاً أو كثيراً بما يحدث وأتذكر أحدهم الذي كان يقول "لحسن الحظ" مر عليّ يومان دون تحليل، واستطعنا بهذا الشكل أن نهضم ما حدث خلال الجلسة الأخيرة من التحليل، إذ قضى يومان دون كلام بالموضوع الذي يواجههن بالتحليل. أخيراً نقول بأن الإنسان يولد ويموت نرجسياً ويجد، إذ يستطيل في اللانهاية. تعويضاً نرجسياً كبيراً عن القصر البائس للحياة التي تمر تحت تأثير مبدأ الواقع، بقدر ضعيف جداً مع ذلك. والتحليل وسلة الشفاء النرجسي، لا يمكن أن يتمناه أو يحققه إلا من يرغب في هذا الشفاء وبالتالي التغير المعني هو ما يسعى إليه. مرضى على أي حال يشعرون قليلاً أو كثيراً بما يحدث وأتذكر أحدهم الذي كان يقول "لحسن الحظ" مر عليّ يومان دون تحليل، واستطعنا بهذا الشكل أن نهضم ما حدث خلال الجلسة الأخيرة من التحليل، إذ قضى يومان دون كلام بالموضوع الذي يواجههن بالتحليل. أخيراً نقول بأن الإنسان يولد ويموت نرجسياً ويجد، إذ يستطيل في اللانهاية. تعويضاً نرجسياً كبيراً عن القصر البائس للحياة التي تمر تحت تأثير مبدأ الواقع، بقدر ضعيف جداً مع ذلك. والتحليل وسلة الشفاء النرجسي، لا يمكن أن يتمناه أو يحققه إلا من يرغب في هذا الشفاء وبالتالي التغير المعني هو ما يسعى إليه. مراجع البحث - العيسوي، عبد الرحمن، الصحة النفسية والعقلية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت 1992 م. - سيد إسماعيل، عزت، علم النفس التجريبي، وكالة المطبوعات الكويت. - جوليان روتر، علم النفس الأكلينيكي، ترجمة عطية محمود هنا- دار الشروق 1984م. - باترسون، س.هـ: نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، ترجمة حامد عبد العزيز الفقي، دار القلم، الكويت 1981م. الزراد: فيصل محمد خير، الأمراض العصابية والذهانية والاضطرابات السلوكية، دار القلم، بيروت 1984م. سهام شباط