اليهود مشكلة العالم
افتتاحية الأزمنة
الثلاثاء، ٥ ديسمبر ٢٠٢٣
قلقهم الدائم أنهم يعتقدون أن ما يؤمنون به وما يفعلونه فوق النقد، وأن فكرهم قائم على قداسة منطقهم لا على منطق القداسة، باحثي العزيز... لا تفكّر بما سيقدمه الآخر إليك، فكّر بما ستقدمه أنت لنفسك، فإن انتظرت ستبقى تنتظر، وإن تحركت أنجزت، وإن بحثت في علم أبدعت، لذلك أجد أن العالم ليس حراً، والكل متفق على ذلك في الجوهر ومتصارع على الوجود في المظهر، هذا ما دعاني للدخول من بوابات كُتبٍ أنجزها مفكرون وفلاسفة عالميون عنونوها (بعالم بلا يهود) ومنهم سيجمون فرويد وجان بول سارتر وكارل ماركس وتشمبرلين ومارتن بوبر، وصولاً إلى ويل ديورانت ومؤلفه الشهير "قصة الحضارة" مع قراءة الدكتور عبد المنعم الحفني لعالم بلا يهود، وجميعهم خاضوا غمار المسألة اليهودية التي كانت سبباً رئيساً في مشكلات العالم، بحكم شخصيتها الهستيرية وقصصها الأسطورية وغرائزها الشهوانية للمادة والجنس والحرب، وتلاعبهم في العقول البشرية التي أؤكد على ابتداع خبيث لحيوات الشخصية اليهودية، التي أُجمع مع الجمع على أنها شخصية إشكالية خطيرة يجب التوقف عندها، وتحليل مخرجاتها منذ اعتماد نشأتها قبل ميلاد السيد المسيح ببضع قرون، وتفاعلاتها مع الحياة البشرية وظهورها في التوراة ،الكتاب المقدس لدى مريديه، وتعزيزها في تفاسيره التلمودية التي تتدحرج زمنياً وفق مقتضيات الحياة واختراع بروتوكولات حكماء صهيون التي يتم تطويرها بحسب الحاجة إليها، واعتماد كل ذلك كوثائق إثبات لوجودها، وظهور معظم مفردات هذه العناوين في العهد القديم "التوراة" والإنجيل "العهد الجديد" وتواجده ضمن الديانة الأخيرة الإسلام، ووجود وصوفات متعددة للشخصية اليهودية والتي سُمّيت (ببني إسرائيل) ضمن كتاب المسلمين "القرآن" بين المديح والذم والمنح والأخذ، وما روايات اضطهادهم وأساطير (أبرام أبراهام إبراهيم) الملقب بأبي الأنبياء ورحلاته المكوكية من أور سومر إلى الأناضول إلى حلب ودمشق والقدس وطيبة عاصمة الفراعنة، وصولاً إلى مكة وبنائه قواعد البيت العتيق وعودته إلى الخليل في فلسطين، إلا قصة وأسطورة يجب دراستها بدقة، وما تلاه من الخروج الأول والثاني والثالث المتوافر في سفر الخروج، مروراً بسفر التيه وأسطورة السبي البابلي وعيشهم ضمن الحصون والقلاع والحواري المغلقة بالأبواب "غيتوهات" واستعادتهم الوعد الإلهي الإبداعي بأن خصهم بأرض الميعاد (فلسطين) من قبل بلفور عام 1917، واضطهاد هتلر لهم إضافة لمحارق الهولوكوست وتعاطف عالم الغرب لإنجاز وطن لهم، هذا في الظاهر، أما الغاية الحقيقية فهو الاستثمار في ذلك لغاية في نفس يعقوب "إسرائيل" وقصة الخيتان، ليعودوا ويدركوا ما أرادوه لهم، ويمسكوا بخناق رقاب سواد قادة العالم الذين نراهم اليوم يدينون لهم تحت مسمى الطاعة العمياء خوفاً من الابتزاز الظاهر والخفي، حقيقة يتساءل العالم اليوم: هل اليهود اليوم هم مشكلة العالم؟ وهل يديرون العالم في الخفاء من خلال سيطرتهم على المال والجنس والأديان؟ وهل هم على قدرتهم يمسكون بنواصي العلم ومخرجاته؟ هل هم الشر المستطير أم أنهم غير ذلك، من خلال محاولة الرومان إيجاد حل لهم ولمشكلتهم، وكذلك فعل السيد المسيح وديانته السمحة، واجتهد المسلمون في تخييرهم بين القتال أو الرحيل.
"شيزوفرينيا" أصابت الشخصية اليهودية الصهيونية وسكنت في حلمهم بدولة يديرون العالم من خلالها؟ هذا الحلم الذي زرعه في رأسهم الحاخام عيزرا في سراديب بابل، من خلال نسجه القصص والروايات التي زرعت في عقولهم تفوقهم على البشرية، ومن خلالها دعاهم لاعتبار كل البشرية دوناً وأنهم من جوهر الرب "يهوا" الذي يتصارعون معه ومن كان اسمه "إسرائيل" التي تعني في العبرية القديمة "صارع الرب" معززاً عنصريتهم التي نهاهم من خلالها عن الاختلاط واعتبار الآخرين عبيداً، وأنهم الأمة الإلهية وغيرهم أميون، بحكم قناعاتهم أن كتابهم هو الأساس للأديان اللاحقة، وأن ما جاءت به الديانتان المسيحية والإسلام يعتبر من أسفارهم وصحائفهم، ولم يدركوا حتى اللحظة معانيها، إن ما يعتبره اليهود أسفاراً مقدسة ما هي إلا أسفار قومية، وما سفر حزقيال وسفر دانيال وإستر ويوشع وغيرهم، الذين يعتبرون عند اليهود أنبياء، ومع الأسف، آمن بهم الكثرة من غير اليهود، إلا ساسة قوميون أسسوا لصناعة وطن، هذا الوطن الذي مثل لهم العقيدة التاريخية التي أقنعوا بها، لاحقاً، الدول العظمى (بريطانيا وفرنسا) من خلال وعد بلفور في إنشاء وطن لهم في فلسطين (أرض الميعاد) بعدها حدث التبني الأمريكي الكلي نتاج وصول اليهود إلى قمة السلطات الأمريكية، لتبدأ مرحلة تسييس العالم بالفكر الصهيوني اليهودي، وإقناعهم بأنهم قادرون على قيادته من الخلف عبر إنجاز واجهات مؤيدة لأفكارهم، بل أكثر من ذلك قيادتهم باللين أو بالإكراه وكذلك بالابتزاز، أو من خلال التجسس وشراء النفوس الضعيفة.
هنا أختم هذا المبحث الذي أدعو فيه لمراجعة الماضي وإسقاطه على الحاضر كي نستولد القادم، وهذا وحده القادر على خلق الوعي المستنير رغم صعوبته، لأن إيقاظ الفكر الغافل يوقظ الندرة القائدة، ويفتح بوابات للوعي عند الكثرة، وأخص القادة الذين أدعوهم للتخلص من الفكر الاستسلامي المتعلق بالفكر اليهودي الصهيوني، الذي يدعي التفوق، والذي يرينا حجم تدخلاته العالمية وإساءته للاستقرار والسلم العالميين.
(اليهود مشكلة العالم) أعتقد أنها حقيقة واقعة، فهل يتقدم قادة العالم ومفكروه والباحثون في شأن هذه المشكلة ويتجرؤون في الإعلان عنها صراحة، ومن ثم البحث في إيجاد حل نهائي لها، لاسيما أن الضرورة التي نشهدها تدعو لذلك؟.
د. نبيل طعمة