بوابة

بوابة " تل أبيض".. ورهان على أبواب أوروبا

الأزمنة

الأحد، ٢٢ نوفمبر ٢٠٠٩

فوائد افتتاح البوابة الحدودية كسرت الخواطر ولم تشف غليل الأهالي

 

اعتقد أهالي مدينة تل أبيض أن افتتاح البوابة الحدودية سيعود عليهم بالخير العميم، وذهبوا في أحلامهم أشواطاً بعيدة، من حالمٍ بوظيفة مرموقة في البوابة الجديدة المرتقبة، إلى راغب في ولوج عالم التجارة البينية بين سورية وتركيا، أو الدخول من البوابة الواسعة للتخليص الجمركي، وفي أدنى الأحوال شراء سيارة عابرة للحدود بين البلدين، وربما بين قارتين، فهم شاطروا تركيا حلمها في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وباتت الأحاديث عن المسافة القليلة التي تفصل مدينتهم عن القارة الأوروبية لها جاذبيتها، وطعمها اللذيذ الحلو تحت ألسنتهم.

 

بالتوازي مع هذا الطموح المشروع، رغب الأهالي بأن تقوم الجهات المعنية بتحسين سوية الخدمات في مدينتهم، واستكمال مرافقها الخدمية كافة، ومنها الاستثمار الأمثل لمشروع جر مياه الفرات إلى تل أبيض وقراها، ولكن مع اقتراب عام كامل على استثمار المشروع، هل حقق ما يصبوا إليه الناس من تذوق مياه الفرات؟ وما دام الحديث عن مصادر المياه، وضرورة توفيرها نقية وسليمة، ماذا فعلت الجهات المعنية بشأن نقل مكب القمامة من جوار نبع عين العروس إلى موقع بديل؟ وهل سيتلمس مشروع معالجة مياه الجلاب سبله للتنفيذ؟!

الحلم الضائع..

حلم الفردوس المفقود لبوابة تل أبيض لم يأتِ من فراغ، ولم يبتدعه أهالي المدينة من بنات أفكارهم، فتصريحات المعنيين في هذا المجال كانت تعدهم بآمال عريضة، فالشاحنات والبرادات العابرة عبر البوابة ستكون بالمئات، وقاموا من أجل ذلك بتعريض الطريق الواصل إلى الرقة لاستيعاب الكثافة المرورية، ونفذوا محلقاً خارجياً يصل البوابة بالطريق العام دون الحاجة للمرور بالمدينة والتسبب باختناقات مرورية، وستكون هناك منطقة للتجارة الحرة بين البلدين، تُطرح فيها شتى أنواع السلع والبضائع، وستكون أبوابها مفتوحة لطالبي التبضُّع والتسوق، فالمدينة مقبلة على حركة تجارية غير مسبوقة، وهي بوابة سورية نحو العالم الأوروبي.

التجارة النشطة

حتى لا يُفهم من كلامنا أن البوابة الحدودية في تل أبيض لم تكن لها منعكساتها الإيجابية على الصعد كافة، وآفاقها الاستثمارية الواعدة، ولكن المقصود بهذا الكلام الاستفسار عن الأثر الاجتماعي المباشر لإحداث البوابة، وأحلام الأهالي التي ساهمت تصريحات المعنيين، والمقالات الصحفية في كثير من الأحيان، في بلورتها وصياغتها، والتي تبين بعد افتتاح البوابة واستثمارها، أنها مجرد أمنيات لا قدم لها على أرض الواقع، وقد يقال أننا نتعجل قطف الثمار قبل نضجها، وأن الفوائد على المستوى الاجتماعي للبوابة آتية لا ريب فيها، نقول إننا لسنا في عجلة من أمرنا، وما تحقق في مجال زيادة التبادل التجاري وسهولة انسيابية السلع بين البلدين إنجاز كبير، وطموح غالٍ قد تحقق، ولكننا نأمل أن ينال هذا التغيير الواقع الخدمي في المدينة، لتصبح مدينة تل أبيض بوابتنا الواعدة نحو تركيا.

المشكلة المزدوجة

 

 

الانسان والزمن بقلم الـدكتــور نبـيـل طـعمـة

عن المدونة بقلم المهندس محمد طعمة

الــتـفـكـــيـر والــتـكـفـــيـر"

آخر المواضيع العلمية على موقع مجلة الباحثون

أغــلــى مــاتــمــلــك

إقـــــرأ موسوعة الدكتور نبيل طعمة على الأزمنة

من طرائف مدينة تل أبيض أن سكانها المطالبين دوماً بنقل مكب القمامة من نبع عين العروس، هم أنفسهم من يعارض نقلها إلى أي موقع بديل، بسبب تعارض وتضارب المصالح الشخصية الضيقة للبعض، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تعثر كافة الجهود الرامية إلى إيجاد مكب بديل عن الموقع الحالي، فخلال السنوات الماضية، كان النبع جافاً، ورمي القمامة في مجرى النهر وتحويله لمكب لقمامة المدينة، لم يكن بذا أهمية، ولكن المشكلة بدأت مع عودة النبع للتدفق والجريان، وباتت القمامة من مصادر التلوث الرئيسية لمياه النبع، إلى جانب أقنية الصرف الصحي، ويسعى مجلس المدينة لتحويل المنطقة المحيطة بالنبع إلى مقصد سياحي عبر سلسلة من المشاريع التي شملت تحسين الموقع وتثمير المقصف وتعبيد وتسوية الطرق، ولكن يبقى مكب القمامة حجر عثرة أمام هذا المشروع السياحي الهام.

المشروع الناقص...

لم تكن تل أبيض ببعيدة العهد عن المياه العذبة، وهي التي تجاور نبع عين العروس، وتستفيد منه لأغراض الشرب والسقاية، ولكن الحاجة الحقيقة للمياه العذبة والنقية، بدأت مع نضوب مياه النبع، فحلم أهالي المدينة بمشروع لجر مياه الفرات إلى مدينتهم، سيما وأن مشاريع الاستصلاح وصلت إلى مشارف المدينة، فكيف بمياه الشرب.

بدأت المؤسسة العامة لمياه الشرب بمشروع ضخم لإرواء تل أبيض وقراها بمياه الفرات، وقد تأخر إنجاز المشروع كثيراً، إلى أن رأى النور مطلع هذا العام، وقد وصلت مياه المشروع إلى أكثر من 163 قرية ومزرعة وتجمعاً سكانياً، وقد كتبنا مراراً، أن مياه الفرات وصلت إلى تل أبيض، ولكن الفرع الثاني للمشروع، والذي يروي بلدة سلوك وقراها لم يستثمر بعد، وكانت حجة مؤسسة المياه أنها بصدد استبدال وصلة البلاستيك في هذا الجزء بوصلة من الفونط المرن، ويعود التأخر في استبدال الوصلة إلى وجودها ضمن الأراضي الزراعية، وأن المؤسسة ستسارع باستبدالها فور الانتهاء من حصاد المحاصيل وتسويقها، والآن نحن على أبوب الموسم الزراعي الجديد ولم يتحقق أي من هذه الوعود.

وفي مدينة تل أبيض نفسها لا يختلف الحال كثيراً، فما زالت المدينة تعتمد في مياه شربها على الآبار الجوفية، ويقول الأهالي إن هذه المياه مرتفعة الملوحة وخاصة في أحياء المدينة الجنوبية، ومياه الفرات لا تصلهم إلا في القليل النادر، وإن وصلت فهي قليلة وضعيفة.

وفرة الحلول...

طُرحت أكثر من مرة، في جلسات مجلس المحافظة، واللقاءات الجماهيرية مع المعنيين، مسألة تحويل نهر الجلاب إلى وادي قره موخ، وقد قامت المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي بدراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع وإمكانية تحويل المجرى، ولكن حتى هذا التاريخ لم تبت المؤسسة بشأن تحويل المجرى من عدمه.

وبالتوازي مع هذا المشروع، درست المؤسسة مشروعاً آخر لاستصلاح أراضي تل أبيض وسلوك من مياه الجلاب، بعد أن أصبح دائم الجريان، ولكن هذا المشروع يجب أن يسبقه مشروع آخر يتمثل في إقامة محطة لمعالجة مياه النهر قبل دخوله الأراضي السورية، فالمياه الحالية تتميز بارتفاع نسبة عكارتها، ووجود نسب مرتفعة من المواد الكيماوية، لكونها أصلاً من نواتج أقنية الصرف الزراعي لمشاريع الري التركية، وقد ساهم استخدامها بوضعها الراهن في ارتفاع نسبة الملوحة في الأراضي المروية بمياه الجلاب، وبالتالي خروج مساحات واسعة من حيز الاستثمار الزراعي.

أخيراً

من حق أهالي تل أبيض أن يحلموا بإحداث منطقة حرة في مدينتهم، ومن حقهم أن يحققوا ما صبوا إليه من مغانم، وإن الفوائد الاجتماعية للبوابة آتية في القريب العاجل، ومن حقهم أن يحلموا أن مكب القمامة انتقل من جوار نبع عين العروس، والمنطقة تحولت إلى نقطة جذب سياحي يؤمها السياح وطالبي الراحة والاستجمام، كما من حقهم أن يحلموا أن مؤسسة المياه ستسارع بإصلاح ما فاتها في مشروع إرواء المدينة بمياه الفرات، ولن تمر سنوات قليلة حتى يتم استصلاح أراضي المدينة وقراها.

 

الرقة ـ إسماعيل الحجي