حسام بريمو
نجم الأسبوع
الخميس، ٢٥ أغسطس ٢٠٢٢
يفرض الموت سطوته في دمشق هذه الأيام. للمرّة الثالثة على التوالي، يتوشّح الوسط الفني السوري بالسواد. بعد أيام على رحيل أنطوانيت نجيب (1945 ــــ 2022) وبسام لطفي (1940 ـــــ 2022)، ها هو المايسترو حسام الدين بريمو (1962 ـــ 2022) يستسلم سريعاً أمام المرض الخبيث، لينطفئ ظهر أمس. دمشقي أصيل ولد ومات في مدينته الآسرة. تعلّم وتربى ودرس في «المعهد المتوسط الهندسي» قبل أن يحرف البوصلة جذرياً نحو التمثيل، ويعمل في فرق مسرحية عدة، قبل أن يجد ضالّته في الموسيقى التي درسها ضمن «المعهد العالي للموسيقى» منذ عام 1991 وحتى 1997 على يدي أساتذة من روسيا وأذربيجان. سيصبح لاحقاً عازفاً على آلة «الأوبوا» في «الفرقة السيمفونية الوطنية»، ويتسلّم بعدها منصب وكيل المعهد الموسيقي، ويعمل كمدّرس فيه، إضافة إلى تدريسه في جامعات أخرى حكومية وخاصة، ويشارك كمغن في جوقة المعهد، ومع «فرقة الموسيقى العربية» التابعة له تحت إشراف حميد البصري. أسس وأدار مجموعة جوقات وفرق انضوت تحت اسم مؤسسته الموسيقية «لونا» وتوزّعت عنها مجموعة جوقات، كلّ واحدة كانت تجمع صنفاً من المغنين مثل جوقة «قوس قزح» (للمحترفين) و«ألوان» (للأطفال) وجوقة «ورد» وجوقة «شام» (لغير المحترفين) التي تجمع مغنين بأعمار متباينة. واللافت في عمله تمكّنه من إيصال الجوقات، إلى التأدية بلغات عدة بالسوية الاحترافية نفسها، بخاصة الآرامية لغة المسيح، وهي الجوقات الوحيدة في العالم التي أدّت بهذه اللغة!
في حديثها معنا، تلخّص طالبته والمغنية في كورال «شام» يارا إبراهيم تجربتها مع الراحل بالقول: «كانت شخصيته ملفتة، تراوح بين ذروة الصرامة ومطلق الحنيّة! أتذكّر في أول اتصال بيننا قبل سنوات قال لي حرفياً: نحن في انتظارك! فقلت له إنّني خائفة ليردّ على الفور: عليك الأمان. جملة كانت كفيلة فعلاً بمنحي شعوراً بالارتياح. العمل معه ارتبط بفكرة انعدام الخطأ، وفي الوقت نفسه، كان يحمل قلب أب عطوف على الجميع. يفهمك من نظرة، ولا يسمح لك بأن تنأى بنفسك بعيداً من منطق الفريق، حتى لو كنت مستجداً ولم تتعرف إلى أحد من المجموعة».
أما المغنية الشهيرة ليندا بيطار، فتقول لنا عن أستاذها وصديقها الراحل: «الفقد بليغ ومتمكّن، إلى درجة إصابة الموسيقى المحلية ونشاطها بمكان واضح! عندما يرحل رجل بموهبة ونشاط حسام الدين بريمو، فالأكيد بأنّ مطرحه سيبقى خاوياً لا يمكن سدّه بسهولة! شخصيّاً كنت من طالباته وممن تهيأت على يديه لدخول «المعهد العالي للموسيقى». شريط ذكريات طويل ومترف بالتفاصيل تعاد مجرياته الآن في مخيلتي وأمام نظري كأنها مجرّد دقائق، رغم زخمها بالمنجز! في مثل هذه المواقف، لا يمكن لكلمات أن تفي الغرض أكثر من الأمنيات الصادقة بأن يلهم أهله وأصدقاءه ومحبيه الصبر، ويعوّضه بمكان أفضل تتسيّد فيه الموسيقى التي عشقها كلّ المشهد».