رياض محرز.. من سارسيل إلى العالمية
نجم الأسبوع
الخميس، ٢٩ أبريل ٢٠٢١
ركل المهاجم الدولي الجزائري رياض محرز الكرة في صغره في بلدة سارسيل إحدى الضواحي الباريسية، قبل أن يتجرأ مجنون الكرة على مغادرتها في سن 18 عاماً من دون أن يلتحق بمركز للتنشئة. هو خيار حصد ثماره، فرغم مسيرة مملوءة بالصعاب، ها هو محرز على قمة الكرة المستديرة.
في حال أعدنا سرد قصة ومسيرة هذا اللاعب، لن يراهن أحد ولو حتى بيورو واحد، على أن لاعب الوسط المهاجم السابق لنادي فال دواز سيواجه الأربعاء بقميص مانشستر سيتي الانجليزي منافسه باريس سان جرمان في ذهاب الدور نصف النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا.
لكن الحقيقة تشير إلى شيء آخر، فشخص واحد آمن بذلك، وهو رياض نفسه، كما يقول زميله السابق هايل مبمبا في فريق سارسيل، حيث تلقى محرز فنون كرة القدم. ويتابع هذا الصديق الذي يصفه بمجنون كرة القدم، بأن محرز يملك قوة شخصية أعلى من المتوسط.
في شارع سابلون حيث ترعرع، لم يكن غريباً أن تصادف رياض يلعب كرة القدم في الساعة الحادية عشرة مساءً. لذا، يضيف مبمبا الذي كان أيضاً المشرف على محرز في الكلية: فور توفر ملعب، كان يلعب كرة القدم، حتى من دون إضاءة، فلا أحد كان قادراً على إيقافه.
ويشرح محمد كوليبالي مدير فريق سارسيل: لا يدين بنجاحه، إلاّ لنفسه. كان يملك ثقة لا تتزعزع، حتى خلال مواجهة الأوقات الصعبة. قد يعتقد البعض أنها غطرسة ولكنها ليست كذلك.
ضعيف جداً
ولمن كان يريد الاستماع إليه، كان الشاب محرز يردّد قائلاً: سأصل، لا أعرف كيف ولكن أريد أن ألعب في كأس العالم في البرازيل. ليأتي الردّ من المشرفين عليه: ولكن لا يمكنك حتى اللعب مع فريق سارسيل. كما يروي كوليبالي.
ويشرح المشرفون السابقون ما عاناه الصغير محرز بالقول: كان مميزاً من الناحية الفنية إلا أنه كان ضعيفاً من الناحية الجسدية.
في سن 18 عاماً حصل التغيير المنشود، فغادر محرز سارسيل من أجل اختبار نفسه في فريق كيمبير فينيستير في دوري الهواة ثم: ذهب للبحث عن عقد احترافي وحمل شجاعته بين يديه. وتقدم بطلبات لأندية تضم لاعبين احتياط محترفين على غرار مرسيليا أو لو هافر، كما يروي مبمبا.
وبالفعل، شرّع له النادي النورماندي الذي كان يخوض حينها غمار الدرجة الثانية باب توقيع أول عقد احترافي مع الفريق الرديف عام 2011.
وبعدما أمضى أربعة أعوام في لو هافر التحق خلالها بالفريق الأوّل، غادر رياض محرز فرنسا لخوض غمار التجربة الانجليزية مع ليستر سيتي الذي كان يلعب حينها في الدرجة الأولى. في البداية، بدا اللاعب متردداً للقيام بهذه الخطوة، وسعى: للحصول على مشورة رفاقه في سارسيل وانتهى الأمر به بالاقتناع بالرحيل. كما يقر المقربون منه.
مذاك، كتب رياض محرز بيديه أسطورته: بعد عودة ليستر إلى الدوري الممتاز، انتقل من ملحمة «الثعالب» المتواضعة إلى رواية بطل إنجلترا في عام 2016 بقيادة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري، تحت أنف ورغماً عن الأندية الكبيرة في البريميرليغ.
لاحقاً، انتقل ليصبح لاعباً من بين نجوم مانشستر سيتي في عام 2018 ويفوز بلقب الدوري مجدداً في عام 2019، ومؤخراً كأس الرابطة بالفوز على توتنهام، كما رفع كأس أمم إفريقيا مع منتخب بلاده بالفوز في المباراة النهائية على السنغال 1-صفر.
مصدر إلهام
ويقول مبمبا عن محرز: مسيرته الكروية استثنائية. لقد تلاعب بالتوقعات بفضل صفاته الفنيّة.
أما بالنسبة لزميله السابق في سارسيل فرانك ساتوغل فإن: محرز، هو أفضل لاعب في العالم. عندما أشاهده أمام شاشة التلفاز، كان يقوم بنفس المراوغات في سن العشرة أعوام.
ويصف ساتوغل الذي أشرف على تدريب محرز في فريق دون 13 عاماً، بحماس ظاهر مسيرته بأنها: حلم كل شاب من الضواحي، وهو على بُعد خطوات قليلة من الفوز بأجمل الكؤوس الأوروبية بعد مسيرة غير عادية.
لقد شاهد رياض محرز وهو يكبر، «مهووس الكرة» كما كان يُطلق عليه وما زال يتذكر أنه حتى عندما كان يلعب مع الفريق الأول في لو هافر، كان يعود الأحد من أجل لعب كرة القدم أمام المبنى الذي ترعرع فيه.
وفي سارسيل، يُعتبر محرز فخراً محلياً، كما يؤكد باتريك حداد عمدة البلدة الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً شمال العاصمة الباريسية. وقد حصل محرز على وسام المدينة في عام 2019 خلال حفل أقيم في دار البلدية تحت ناظري والدته حليمة.
ويثني حداد على المهاجم الجزائري قائلاً: رياض شخص محترم ولديه انضباط بدني وذهني مثاليين. هو مصدر إلهام بالنسبة لأهالي سارسيل.
ويضيف صديقه مبمبا: هو شخص جيد حافظ على روح الطفولة ويعبّر عن نفسه مع الكرة.
ظل قائد المنتخب الجزائري وفياً لبلدته، فهو دأب على دعوة شبان سارسيل إلى مانشستر من أجل حضور مباريات «سيتيزنس» وتبادل الحديث عن مسيرته الاستثنائية التي بدأها في سارسيل، حيث سيتم افتتاح ملعب باسمه هذا الصيف.