سر القوة التي لا تقهر!..بقلم: د. عبد الرزاق المؤنس

سر القوة التي لا تقهر!..بقلم: د. عبد الرزاق المؤنس

تحليل وآراء

الخميس، ١٠ أبريل ٢٠١٤

لن أدخل في وعظيات تدينية تقليدية عطلت في العصور الأخيرة المفاعيل الحيوية لعظمة الدين والشرائع السماوية، وتكاسلت عن النهوض المعقول لمواجهة الشدائد والأزمات، ولاحتواء الفتن والنكسات بمنهجية علمية وباستطاعات مدروسة عن فهم وتدبر مع العناية بحسن الأعمال لا بضخامتها ثم مع الانتباه إلى أن القوة في الأقوياء حقيقة هي شيء يملأ على صاحبه قدرات صحيحة تعزز ثقته بما عنده من غير أن يتكئ على إطراءات وتملقات وغرور ونفاقيات، فإن لديه من الصدق والحقيقة ما يجعله أكبر وأعزّ من تلك السفاسف والترّهات!..، وهل هناك حقاً قوة لا تقهر؟! أجل، إنها قوة الله تعالى التي لا يخص بها إلا عباده الذين انتصروا على حظوظ شياطينهم ومراتع السوء في أنفسهم، واتخذوا من القيم العليا في الإيمان والتوكل على الله تعالى وفي تحقيق العدالة والإحسان والرحمة والتراحم في الأرض ما يجعلهم ينهضون في هذه الدنيا بوظائف ومهمات تشغلهم عن هدر الاهتمامات بغير حق على أنفسهم ومآربهم مما يعطل إبصارهم وهم على مسالك الأرض عن النور الرباني الذي يصحبهم ويحفظهم من الضلال ومن الخيانة ومن النفاق ومن العمى الأخروي.. إن معونة الله تعالى ونصرته لنا هي اليوم وفي جميع الأزمان والأحوال لازمة حقيقية إن تحمّلها أشخاص صدقت ربانيتهم فعلاً ليصح من ثم أن تصدق إنسانيتهم ثم أن تصدق وطنيتهم لتحصين مؤسسات الوطن بمناعات لا تخترقها الشرور الطبيعية التي تحيط بكل شيء وبكل نفس في هذه الحياة، فليست المشكلة في وجود الشيطان ووجود العداوة والبغضاء ووجود المؤامرات والشرور ولكن المشكلة الأحق والأهم بالعناية والبحث والتحقيق هي في جود نفوس وشخصيات اعتبارية ليست كأمثال من صنعوا عزة الأمة وحضارتها ولم تنقصها وسائل التمكين في دينها ودنياها ولم تستول عليها أهواء العبودية والتبعية لمآرب انتهازية ومصالح فئوية وشهوات تحجبها عن مصادر الربانية وقوة الانتصار للعدل والرحمة والخير ولو كان في ذلك تضحيات على حسابها، فالله تعالى لم يجعل نصره المؤكد لأية أمة مؤمنة أو يدافع عنها ويعصمها من أعدائها إلا إذا نصرت تلك القيم وتعززت بذلك الإيمان، فإن الله تعالى قد أكد بـ(أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)، وأكد بالتلازم الشرطي: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، وإن هذا الإنسان بالمفهوم الرباني هو الأمانة الأمثل في الكون تتحمّل المنهج الرباني بشرط تعزيز الذات والعناية بالمناعة النفسية والداخلية عن علم وحكمة وأخلاق ثم يؤذن له بعد ذلك أن ينطلق إلى الحياة والناس ليكون نوراً وتآخياً وعزماً على تثبيت قيم العدل والبر والتقوى، فلا معنى لهذا الإنسان مهما حمل من شعارات وشهادات ومظاهر فارغة إن لم يكن في مصداقيته الربانية مؤمناً صالحاً حتى يصح أن تكون له مصداقية وطنية وأخوية، فقد قال له القرآن: قوِّ نفسك عندما جاء في حقه: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)، فإن تأكد ذلك يصلح من بعد أن نتفاعل مع النص التالي لحسن تحمل المسؤولية بعد تأكد شروط الرعاية في السنة الشريفة: (كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته) وهذا الأساس هو المعادلة الأحق التي لا تشغل الإنسان بمقارعة السوء والباطل بل أن يكون قوياً في مناعته وتعزيزات شخصيته النفسية والمجتمعية والوطنية، فعندئذ لن يقوى عليه وعلى الحياة والوطن إفساد ولا زلزال شياطين الأرض كلها كما قال الله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق..).
(وللحديث بقية)