شظايا عبود فارس.. رسائل حبّ إلى الفضاء

شظايا عبود فارس.. رسائل حبّ إلى الفضاء

ثقافة

الاثنين، ١٩ نوفمبر ٢٠١٢

يقوم النحات فارس بمعالجة الفراغ الخارجي بتكوينات نحتية هي عبارة عن شرائح وأسلاك حديدية مستقيمة ومنحنية، وأشكال مجردة مثلثة ومربعة ومستطيلة وأشباه منحرفات، متباينة الحجم ومتعارضة في الحركة والاتجاه، تنطلق من بؤرة مركزية، في بنية تركيبية تجميعية، تتلاقى أحياناً لتنتج أشكالاً ذات بعد جمالي تخاطب المتلقي بلغة تعبيرية خاصة.
 يقترن النحت لدى فارس كفنّ وكأفق جديد يحرّره من قيود الكلاسيك، حيث يتخلل أعماله فراغات واسعة ومفتوحة على الحجوم والكتل والفراغات وقد تأثر بالهواء الطلق والحيز الذي يتركه الشيء ليحل الهواء محله وتلك المسافة التي تقع بين الشيئين وهذه الحجوم والأعمال الصغيرة التي تساعده على ممارسة فن النحت ورفض التعاليم المسبقة الصنع التي يعاني منها المفكر والفنان في العالم العربي وهو الذي يجرب رحلة الأيام الصعبة تلك ؛من مفردات أعماله التي هي من شخوصه المندهشة والمشتعلة بالعذوبة وحبّه للحياة والأمل والفكرة الجريئة في شرائح الحديد النابضة بالفرح وعبق الماضي في عذوبة التواصل، راسماً في أعماله الفنية الكتل المتعرجة والمنخفضة المملوءة والمرتفعة والحادة واللينة والسميكة رفيعة المسارات والتكاوين المحاطة بالبساطة وإمكانية استغلال أقصى استخدامات الخامة التي ينحتها ويستفيد منها لأنه يعرف أن المادة الخام ملأى بالإمكانات الهائلة التي يطيِّعها الفنان لهدفه.
الفن لدى النحات فارس في النهاية مغامرة ومغامرة ممتعة في تصورات إبداعية وتخيلية وحاجة نفسية هي من كل الأحاسيس والمشاعر وحقيقة مفسرة السرِّ الإنساني الذي يتركه الإنسان على أفعاله في خلفية التجارب السورية المعاصرة لتشكل بذلك تجارب هذا المبدع حقلاً جديداً من الملامح المحلية في نطاق جمالي يأخذ من القيم النحتية تنوع مصادره الحسية والتعبيرية في خصائص جمالياته المتناقضة في ضخامة الكتلة ورسوخها وثباتها وسكونها، أو في انسيابية أشكاله الفنية النحتية المتسقة مع القيم البنائية والحركية في نعومة ملمس كتلهِ أو في بعض إضافات هاجسه الجمالي والروحي وجمال العاطفة فيه وهو المتوافق مع إنجازه النحتي التجريدي كما في تنوع وتطور أشكاله الجمالية في تحليل أعماله الحديدية التي يوزعها على المنجز التشكيلي العربي السوري كحل جمالي خالص وكرمز من رموز المحترف التشكيلي العربي المعاصر، أسوة بزملائه الذين يحاولون الوصول إلى روائع مشروع النحت السوري العربي.
في تلك الطاقة الفنية والتشكيلية التي قد ترفعه من المحلية إلى مصاف العالمية في تآلف إنساني بديع، هو أكثر قرباً من إنسانية الإنسان ليس في روحه فحسب، بل في جسده أيضا، فالفنان هنا (النحات بالذات) هو من يكسر تاريخاً طويلاً من المغامرة والجرأة وفيه الكثير من الغموض والشمولية والصفات وفيه أيضاً عالم الشكل وقوانينه التي ينحدر منها في عروق ومساحات الأشياء التي استوحى منها واستلهم جسد معدنه مع كل ما هو أكثر سحراً وعلماً وصيغةً وتجسداً، وهو الذي يملك تجربة هامة ومشروعه الرائد على صعيد القطر والوطن العربي ليؤكد بأن منحوتاته المتواجدة بكثرة حوله ما هي إلا الجمال المخبوء في كتل الحديد الصلبة لاستنباط الماضي في الحاضر..
من هنا يحق لنا القول أن تجارب عبود فارس النحتية تحمل أفكار ومضامين نماذجه التي يعتمد فيها على التأمل الهادئ والصبر النازع إلى التجديد والابتكار في كل حواراته الفنية مع الحديد، والعالم الخارجي وجميع أشكال تكويناته وألوانه الحديدية في إطار عدم الخوض أو في عدم الاستشعار عن بعد لخواص من يفهم أو لا يفهم...
- عبود فارس خريج كلية الفنون الجميلة قسم النحت، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، شارك بعدة معارض جماعية للكلية وللإتحاد، استطاع أن يسابق دقات ساعات الزمن والوصول إلى ما يطمح خلال فترة بسيطة لكن هذا لم يكن بالصدفة وإنما جاء بعد عمل جادّ وكفاح مستمرّ، تعلّم الصبر على معترك الحياة ومن الماء تعلّم الشفافية والصدق وقول الصراحة، لا يختار الزمان ولا المكان ويترك الرأي والنقد لمن هم أجدر، ولا يعرف طريق المجاملة وصراحته هي سرّ نجاحه وطفولته هي بدايته لطريق الفن ودراسته هي نجاحه والطموح هو هدفه.
ريم الحمش
artreem@hotmail.com