عباس الحامض
نجم الأسبوع
الثلاثاء، ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١
في أواخر الخمسينينات من القرن الماضي كانت صحيفة الأيام التي تستقطب كتاباً وأدباء من سورية قد أفردت صفحة سمَّتها ( اليوميات) وخصَّتها لأولئك الأدباء الكبار من أمثال شاعر الشام شفيق جبري والدكتور عزة الطباع والدكتور صبحي أبو غنيمة وحسن الحكيم… وغيرهم.
فكانوا يفيضون على هذه الصفحة بآيات من وحي قلمهم ودُررٍ من غوص فكرهم، فيترقب القرَّاء هذا الفيض بمزيد من الشوق.
وما إن بدأت تظهر في أطراف الصفحة مقالات صغيرة لأديب ناشئ ( عباس الحامض)… ثم بدأت هذه المقالات رويداً رويداً (تغزو) صفحة اليوميات ويحاول صاحبها أن يتفوق أحياناً على أولئك الكتاب الأفذاذ والشعراء العظام، ثم أفردت له الصحيفة يوم الثلاثاء ليكتب فيه عصاره فكره في صفحة اليوميات.
عباس الحامض رجلٌ ظريفٌ سيَّالُ القلم طليُّ اللسان مكَّنته موهبته الفذة من كسب ثقة زملائه، ومن صفاته الوفاء والنبل وطيب القلب والترفع عن الدنايا وإغاثة الملهف، وهمُّه الأكبر هو أن يساعد كلَّ ذي حق في الوصول إلى حقه.
حديثُهُ حلوٌ جاذب، نكتته حاضرة، متوقد الذهن، حتى إنه كان من الظرفاء والمحدثين القلة في دمشق.
جمع بين الكلمة الظريفة المسموعة والكلمة البديعة المكتوبة، فكان قلمُهُ السيال لا يقل طلاوة عن لسانه الطلق الغزير، وقد أعطته تلك الشخصية الفذة غزارة في الإنتاج فكان يكتب في كل يوم مقالاً افتتاحياً في صحيفة القبس التي رئِسَ تحريرها وأشرف على تحرير كل صفحاتها لعدة سنوات، وكان يكتب عدداً من التعليقات، ويصوغ عدداً من الأخبار، ويكتب أيضاً عدداً من المقالات يرسلها إلى مجلة (الدنيا).
وبلغ من غزارة إنتاجه أيضاً أنه كان يكتب في كل أسبوع ثلاث مقالات لثلاث صحف في دمشق وبيروت والقاهرة.
ولم تكن مقالاته هراءً منثوراً، وإنما كان يتناول أدقَّ المواضيع وأكثرها قرباً من هموم المجتمع، وكان يعالج المشاكل ويحلل أسبابها بدقة ؛ أضف إلى ذلك قلبه الطيب ونصرته للمظلوم ما جعل القلوب تلتف حوله.
انتُخب عباس الحامض نقيباً للمحررين عام 1947.