عودة المجازر الجماعية: العدو يستنفد أوراقه

عودة المجازر الجماعية: العدو يستنفد أوراقه

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٣

وصلت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، إلى مرحلة متردية للغاية. ففيما تواصل الطائرات الحربية تنفيذ سياسة المجازر الجماعية، التي تطاول أحياء سكنية كاملة، وتتسبّب باستشهاد وإصابة العشرات دفعة واحدة، تتعرّض طواقم الدفاع المدني وسيارات الإسعاف لاعتداءات مستمرة، أدت إلى استشهاد أكثر من 170 كادراً إغاثياً بين طبيب ومسعف وضابط إسعاف، في الأحياء المزدحمة التي تؤوي الكتلة البشرية الأكبر من النازحين في مدينة غزة، وتحديداً مناطق حي الصبرة وعسقولة. هناك، قصفت الطائرات الحربية مدرسة «الفلاح» التابعة لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين»، والتي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين، وأيضاً «مسجد إحياء السنة». في هاتين المجزرتين فقط، استُشهد المئات من المواطنين الذين بقيت جثامينهم ملقاة على الأرض وفي الطرقات، هذا فضلاً عن تدمير المئات من المنازل على رؤوس ساكنيها. وفي شمال غزة، وتحديداً في مناطق مخيم جباليا ومنطقة جباليا البلد ومشروع بيت لاهيا، قصفت الطائرات الحربية، في الأيام الثلاثة الماضية، أكثر من أربعين منزلاً ومسجداً، جميعها مأهولة بالسكان، متسبّبة باستشهاد وإصابة المئات من المواطنين.
 
أما في القطاع الصحي، فإنّ إحصائيات وزارة الصحة تشير إلى أن تسع مؤسسات فقط من بين 53 مؤسسة لا تزال تعمل في قطاع غزة كاملاً، فيما في مدينة غزة وشمالها يعمل مستشفى واحد هو «الإندونيسي»، الذي خرج مديره، عاطف الكحلوت، يوم الخميس الماضي، معلناً أن كل أقسام المستشفى امتلأت عن بكرة أبيها بالمصابين، ولم تعد قادرة على استيعاب أعداد إضافية. ولعلّ المشهد في ممرات المرفق الطبي كان يعبر عن نفسه بنفسه، حيث المئات من الجرحى المصابين بإصابات بليغة جداً ملقون على الأرض، فيما يتنقل الممرضون بينهم محاولين تغطية الجروح بقطع من الشاش. هكذا، ينتظر المصابون الموت، بلا أي أفق للعلاج أو إجراء أي نوع من العمليات. وأمام قسم الأشعة، يصطف العشرات من المصابين الممددين على البلاط، منتظرين دورهم الطويل لإجراء صورة أشعة. وسط ذلك كله، تخلو أسواق شمال القطاع وجنوبه من أي مواد تموينية أو خضر، فيما الطحين أضحى عملة نادرة يصعب الحصول عليها، بعد أن ارتفع سعره إلى خمسين ضعفاً.
 
في ساعات المساء، تبدأ المدفعية بقصف أحياء شمال القطاع، بالمئات من القذائف الضوئية الحارقة. ومع شروق الشمس، تشرع المدفعية ذاتها في قصف الأحياء المأهولة بمئات الآلاف من النازحين الذين يرفضون الخروج إلى جنوب وادي غزة، بالمئات من القنابل الدخانية. تلك السياسات مجتمعة تتقاطع مع حديث مستمر عن مفاوضات لوقف إطلاق النار، وعقد صفقة تبادل للأسرى. يمكنك أن تسمع وأنت تتجوّل بين الأهالي، أن هدنة إنسانية قريبة ترتبط بكل ما يجري من تصعيد للضغط العسكري على حاضنة المقاومة. وبالفعل، وفقاً لتقدير أوساط مقربة من المقاومة، فإن العدو الإسرائيلي وصل في المفاوضات الهادفة إلى إبرام هدنة إنسانية، إلى مراحل متقدمة جداً قبل أن يتراجع في اللحظات الأخيرة، محاولاً إفساح المجال للمزيد من الضغط، أملاً في تليين موقف حركة «حماس» ودفعها إلى تقديم تنازلات في تفاصيل الصفقة المرتقبة. ووفق ما يرى كادر قيادي في حركة «حماس»، فإن «ما يحدث هو عض دامٍ على الأصابع. جيش الاحتلال الذي لا يحرز تقدماً ناجزاً على طريق تحقيق أهدافه بالأدوات العسكرية العنيفة، يعمل على الضغط على الأهالي في شمال ومدينة غزة، لإجبار المفاوضين على تقديم تنازلات، ومقايضة الرهائن بتخفيف الضغط العسكري على الأهالي والسماح بدخول المساعدات الإنسانية». ويضيف المصدر ذاته: «العدو يضع ظهرنا إلى الجدار، إذ ينتهك كل المحرمات، ولا يبقي بين يديه ما يمكن أن يهددنا به، وما سيدركه عندما يستنفد كل ما لديه من أساليب الضغط، أن ثمة مساراً واحداً لاستعادة الدفعة الأولى من مختطفيه، وهو الإذعان لاشتراطات المقاومة».