"لست غنياً لأشتري أشياء رخيصة"..أولاً فقدنا الجودة.. واليوم السعر والجودة
الأزمنة
السبت، ٢٣ يناير ٢٠١٦
الأزمنة – مجد سليم عبيسي
العنوان حقيقة هو مثل إنكليزي قديم يعتمده الغرب في محاكاتهم للتجارة الاستهلاكية اليومية، والتي تعتمد على اقتناء ما هو أفضل رغم سعره المرتفع والميل العام نحو السلع الغالية..
بينما يذكر خبراء أن المواطن العربي يميل غالباً للبحث عن البضاعة الأرخص من دون أي مراعاة أو محاولة لفهم الفارق بالجودة، كما يقارن الأحجام الكبيرة غالباً بالسعر.. فكلما صغر الحجم ظن أن السعر يجب أن ينخفض!!
ما الذي كان؟!
الميل العربي نحو اعتماد الأرخص دوماً -بدافع الشطارة- كان يدفع المستورد للضغط على الشركات لتخفيض الأسعار فتقوم بعض الشركات بتخفيض الجودة مستغلة ثقة المستورد بالشركة ورغبة المستورد بالتوفير. ويمكن أن يلاحظ المراقب أن البضاعة منخفضة الجودة لم تكن بالضرورة صينية المنشأ. فالمعتقد الرائج أن كل ما هو صيني فهو زائف أو منخفض الجودة، فهذا ليس بذي علاقة بالصين كدولة مصنعة.. بل السبب الرئيس هو التاجر الذي يشترط تكلفة زهيدة على الشركات الموردة من دون اشتراط بالجودة.
والصين ليست شبيهة بالدول الأخرى التي تعتمد اسم العلامة المسجلة وتحافظ على جودتها "كدول أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها"، بل هي تعتمد استراتيجية تجارية غريبة.. وهي أن تلبي جميع رغبات الزبون مهما كانت، وهدفها الكبير من ذلك هو كسب جميع أسواق العالم عبر تقديم بضائع بمختلف التصنيفات ومختلف الأسعار وحسب الطلب تماماً.. وعلى ذمة التاجر.
ومن هنا لا يمكن أن نقرن سوء الجودة بالبضائع الصينية، فهو كلام مجحف لبلد تجاوز الولايات المتحدة بمعدل صادراته عدة مرات مؤخراً.
ويشير البعض إلى أن الحقيقة وللأسف أن معظم البضائع المستوردة لأسواق سورية ومصر والعراق وبلدان أخرى بمنطقتنا تتنافس بالوصول للقب الأسوأ، ورغم اعتماد الحكومة السورية في فترة من الفترات شركات عالمية لفحص الجودة كشرط للاستيراد إلا أن هذا شكل عائقاً إضافياً للاستيراد من دون أن يؤدي لرفع المستوى بل على العكس رفع مسؤولية التاجر عن البضاعة السيئة التي يستوردها ما دفع الحكومة لإلغاء هذا الشرط لاحقاً.
مشكلة اليوم.. المواطن يغبن مرتين!!
هل سمعتم مرة بأن التموين قام بمخالفة بائع للقطع الكهربائية أو بائع للجولات أو بائع للغسالات أو الأفران أو الهواتف والشاشات؟.. طبعا لا، وكأن هذه الأسواق خارج نطاق "التغطية الرقابية" ولا تعني المستهلك السوري على الرغم من أنها تستنزف منه مبالغ هائلة وطائلة لتأمينها..
خلال السنوات السابقة لم تضبط قوى التموين الكثير من البضائع الكهربائية والالكترونية في سورية التي تعاني سوء التصنيع، ولم نسمع بضبوطات كهذه !!.. بل كان التركيز أشد التركيز على ضبوطات المواد الغذائية مثلاً.. والمحروقات.. والأدوية.. إلخ.. وكأن هذا القطاع مهمش رقابياً!!
الحقيقة أن مواصفات قطع التبديل أو الأدوات الكهربائية والإلكترونية المتواجدة في أسواقنا المحلية، بعيدة جداً عن الإتقان أو عن أي مواصفة قياسية ممكن أن نقيسها عليها.. وهي طبعاً قطع "ستوك" تأتي في حاويات كبيرة فيها الكثير معطل وهي غير مكفولة، ورغم ذلك لا يحرك التموين ساكناً يقوّم هذا الخلل المسيطر على الأسواق!!
وموطن الغبن لا يكمن للمواطن هنا فقط.. بل يقفز له بارتفاع أسعارها وتسعيرها وفق سعر الصرف، وغياب هامش الربح المحدد لهذه التجارة..!!
إذاً المستهلك اليوم يغبن مرتين "في الجودة أولاً.. وفي السعر ثانياً" ويمكن أن نقول: إن الدافع لاستيراد مواد غير جيدة بسبب السعر المنخفض قد انتفى اليوم لأن الأسعار باتت مرتفعة جداً.. وبالتالي يمكن تخيل الأرباح الهائلة التي تدخل جيوب أولئلك التجار.
وكما يقال بلغة السوق، "هذه بضائع أرباحها مخفية" بمعنى إنه من الصعب أن يعرف المستهلك نسبة الربح أو السعر الحقيقي للقطع الكهربائية والإلكترونية، ويبقى التسعير ليس وفق العرض والطلب بل وفق المزاجية والاستغلالية..، فحالياً أسعارها بلغت العنان فأرخص ثلاجة سعرها 125 ألف ليرة وأرخص تلفاز سعره يتجاوز 30 ألف ليرة، بارتفاع يمكن أن نقول: إنه بلغ عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة.
إذاً، نحن اليوم أمام حالة من الغبن الواضحة للمواطن مع حالة لا مبالاة من الجهاز الرقابي، فلماذا هذا التسيب في الرقابة؟ وأين المواصفات القياسية التي يتم استيراد هذه التجهيزات وتصنيعها وفقها؟ طبعاً لن نحصل على جواب لأن لا أحد يملك الجواب الشافي ولا أحد يعلم كيف تدخل هذه البضائع المستوردة إلى أسواقنا وكيف تتم مراقبتها وتسعيرها.
ضجة إعلامية:
يمكن القول: إن افتعال ضجة إعلامية كالتي حدثت في منتصف العام المنصرم ممكن لها أن تحرض شيئاً لدى الحكومة، فإن لم تكن تعرف ما الإجراء المتخذ لحل مشكلة كهذه ممكن للمسؤول أن يستفتي أهل الخبرة في المجال.
ففي تصريح للصناعي محمد سامر عرب من محافظة حلب تم نشره بأكثر من وسيلة إعلامية ليصل الصوت للحكومة ركز على الجودة والمواصفة ولكن مع تحديد المصدر التركي الذي يسعى جاهداً لدك ما تبقى من صناعات حلب، يقول سامر: "هل من المعقول أن يستمر تجارنا باستيراد البضائع (الستوك) من تركيا وغيرها من الأسواق الخارجية لتتم جمركتها على علم الحكومة.. كيف لنا كصناعيين منافسة تلك البضائع؟! ذلك غش بحد ذاته للبلد والزبائن وللمستهلك والصناعيين".
وأشار إلى أنه على الحكومة أن تنظر إلى الأسواق فما دامت الألبسة تصنع في سورية لماذا يتم استيرادها من الأسواق الخارجية وبهذا المستوى الرديء.
وأضاف عرب: هناك معاناة من نقص شديد في كل المواد أهمها المواد الأولية حيث قال: "نحن نحتاج إلى الموارد والبنى التحتية وهذا لا نستطيع أن نطلبه إلا من الحكومة.. وبالنسبة لنا كصناعيين حاولنا التواصل مع جميع الأسواق التي كان لنا وجود فيها سواء أسواق عربية أم أجنبية حتى اليوم. الأوروبيون يذكرون الصناعة السورية التي لا يمكن أن يكون لها بديل في أسواقهم".
وأضاف: "كذلك الأسواق العربية وحتى اللحظة لم تستطع أي دولة أن تحل محل الصناعات السورية وهذا يشكل معاناة بالنسبة لهم والتجار في الدول المجاورة يشعرون بنقص البضائع السورية، ونحن بدورنا ليس من مصلحتنا أن نخسر هذه الأسواق وما نحتاجه من الحكومة أن تنظر إلى الصناعة ببعض المسؤولية وبعين مسؤوليتهم بعودة الصناعة السورية لتكون عماد الاقتصاد السوري.. لأنه من دون الصناعة لا يمكن أن يتحسن الاقتصاد ونحن لدينا عمال قد اضطرتهم الظروف للمغادرة ولكنهم في حال تأمين ما يلزم لهم من الاستمرار في عملهم فهم مستعدون للعودة إلى حضن الوطن، فلماذا لا تقوم الحكومة بالمبادرة والمساهمة في نهضة الصناعة من جديد".
هيئات الرقابة تسهم في رفع السعر:
هناك مشكلة ومعاناة حقيقية من عناصر حماية المستهلك في تصريف المنتجات، ومن أجور الشحن.. والأدهى من ذلك هناك مطالب عن حماية المستهلك حول إظهار الفواتير المتعلقة بالبضائع والتي من الصعب على الصناعيين في بعض المناطق كحلب مثلاً في ظل ظروف الأزمة أن يحصلوا على الفاتورة التي لا يمكن تأمينها.
إذاً.. ما الحل؟ وكيف النجاة من محاصرة هذه الدوريات للصناعي؟! فإما أن يدفع لهم أو يكتب أقل مخالفة 5 - 10 آلاف ليرة وهذه تتكرر شهرياً بحجة عدم وجود فاتورة مثلاً أو تحت أي ذريعة أخرى.. عدا أجور المحال وغيرها من التكاليف.
وجميع هذه الأعباء، سيحملها الصناعي للمستهلك.. أو سيلعب على وتر الجودة مقابل المحافظة على السعر.. أو سيرفع السعر مع تخفيض الجودة كما فعلت معامل الأدوية قبل أن توافق الصحة على رفع أسعار الدواء إذ إن بعض المعامل خفض من نسبة المواد الفعالة للدواء ليتناسب مع السعر الذي حافظت عليه وزارة الصحة لفترة.
إذاً.. إن لم نجد حلاً فسنقع في دوامة لا متناهية من الجشع والرفع للأسعار والتحايل على القوانين.
غياب المنافسة..
يمكن ربط ارتفاع السعر اليوم مع انخفاض الجودة بجميع السلع والمواد، كالغذائيات التي يتم رفع أسعارها مع التلاعب بتواريخ الإنتاج أو بالتلاعب بالمواصفات، إذ ظهرت خلال الأزمة العديد من الأسماء والماركات الغذائية مشكوكة المصداقية في المواصفات أم لا.. وبالظاهر فقد أصبحت المنافسة كبيرة لتعدد الماركات ولكن الحقيقة أن العديد من العلامات المسجلة المعروفة وذات المصداقية قد غادرت البلاد وتم نقل معاملها، ويتم استيراد بضائعها بأسعار مرتفعة جداً أكبر من قدرة المواطن العادي على اقتنائها، فاستغلت الماركات الناشئة هذا الارتفاع الكبير للسعر ورفعت السعر بما يلبي أرباحها السريعة مع ذات الجودة المنخفضة المقدمة.. والمواطن مضطر لشراء الجودة المنخفضة بالسعر المرتفع لأن الجودة العالية سعرها فاحش.
كما يمكن ملاحظة غياب المنافسة اليوم بشكل واضح في قطع غيار الآليات من سيارات وأمثالها، إذ إن البضائع الموجودة حالياً في الأسواق ذات جودة متدنية وبأسعار مرتفعة جداً.. ولا يمكن للباحث أن يجد قطعاً ذات جودة عالية إلا بتبويس الشوارب والموانات واستغلال الصحبة والمعارف.. طبعاً مع السعر الذي يقص الرقاب..
ونفس الأمر يمكن قياسه على جميع السلع كالألبسة والإطارات وحتى حلوى الأطفال.
تعقيب..
لن نعلق على الموضوع أكثر.. بل سنكتفي بالوقوف على أطلال ما قبل الأزمة عبر مداخلة للسيد إيهاب اسمندر مدير صندوق دعم الصادرات السورية آنذاك خلال حوار مفتوح نظمته غرفة صناعة حماة مع مختلف شرائح المجتمع، حيث أشار إلى أن المجلس الأعلى للتصدير وهيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين وصندوق دعم الصادرات جميعها مؤسسات تسعى إلى تحسين جودة المنتج الوطني وجعله مقبولاً عالمياً.. حيث بيّن أن هناك بعض المنتجات السورية وخاصة في مجال الصناعات النسيجية والغذائية تحظى بإقبال واسع في الأسواق العالمية لدرجة أن العديد من الشركات العالمية تبرم عقود استيراد من منتجين سوريين حصرياً.
وأضاف: إن هناك خططاً وبرامج تتعلق بعمليات زيادة الترويج للمنتج المحلي والبحث عن المستهلكين ورصد انطباعاتهم وإيجاد أسواق جديدة في ظل التنافس المحموم بين المنتجين ودخول شركات مصنعة من مختلف الدول.
وعلى ما أذكر.. فقد تمحورت وتركزت مداخلات الحضور على أهمية المنافسة في السعر والجودة يومئذ.. ودمتم.
العنوان حقيقة هو مثل إنكليزي قديم يعتمده الغرب في محاكاتهم للتجارة الاستهلاكية اليومية، والتي تعتمد على اقتناء ما هو أفضل رغم سعره المرتفع والميل العام نحو السلع الغالية..
بينما يذكر خبراء أن المواطن العربي يميل غالباً للبحث عن البضاعة الأرخص من دون أي مراعاة أو محاولة لفهم الفارق بالجودة، كما يقارن الأحجام الكبيرة غالباً بالسعر.. فكلما صغر الحجم ظن أن السعر يجب أن ينخفض!!
ما الذي كان؟!
الميل العربي نحو اعتماد الأرخص دوماً -بدافع الشطارة- كان يدفع المستورد للضغط على الشركات لتخفيض الأسعار فتقوم بعض الشركات بتخفيض الجودة مستغلة ثقة المستورد بالشركة ورغبة المستورد بالتوفير. ويمكن أن يلاحظ المراقب أن البضاعة منخفضة الجودة لم تكن بالضرورة صينية المنشأ. فالمعتقد الرائج أن كل ما هو صيني فهو زائف أو منخفض الجودة، فهذا ليس بذي علاقة بالصين كدولة مصنعة.. بل السبب الرئيس هو التاجر الذي يشترط تكلفة زهيدة على الشركات الموردة من دون اشتراط بالجودة.
والصين ليست شبيهة بالدول الأخرى التي تعتمد اسم العلامة المسجلة وتحافظ على جودتها "كدول أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها"، بل هي تعتمد استراتيجية تجارية غريبة.. وهي أن تلبي جميع رغبات الزبون مهما كانت، وهدفها الكبير من ذلك هو كسب جميع أسواق العالم عبر تقديم بضائع بمختلف التصنيفات ومختلف الأسعار وحسب الطلب تماماً.. وعلى ذمة التاجر.
ومن هنا لا يمكن أن نقرن سوء الجودة بالبضائع الصينية، فهو كلام مجحف لبلد تجاوز الولايات المتحدة بمعدل صادراته عدة مرات مؤخراً.
ويشير البعض إلى أن الحقيقة وللأسف أن معظم البضائع المستوردة لأسواق سورية ومصر والعراق وبلدان أخرى بمنطقتنا تتنافس بالوصول للقب الأسوأ، ورغم اعتماد الحكومة السورية في فترة من الفترات شركات عالمية لفحص الجودة كشرط للاستيراد إلا أن هذا شكل عائقاً إضافياً للاستيراد من دون أن يؤدي لرفع المستوى بل على العكس رفع مسؤولية التاجر عن البضاعة السيئة التي يستوردها ما دفع الحكومة لإلغاء هذا الشرط لاحقاً.
مشكلة اليوم.. المواطن يغبن مرتين!!
هل سمعتم مرة بأن التموين قام بمخالفة بائع للقطع الكهربائية أو بائع للجولات أو بائع للغسالات أو الأفران أو الهواتف والشاشات؟.. طبعا لا، وكأن هذه الأسواق خارج نطاق "التغطية الرقابية" ولا تعني المستهلك السوري على الرغم من أنها تستنزف منه مبالغ هائلة وطائلة لتأمينها..
خلال السنوات السابقة لم تضبط قوى التموين الكثير من البضائع الكهربائية والالكترونية في سورية التي تعاني سوء التصنيع، ولم نسمع بضبوطات كهذه !!.. بل كان التركيز أشد التركيز على ضبوطات المواد الغذائية مثلاً.. والمحروقات.. والأدوية.. إلخ.. وكأن هذا القطاع مهمش رقابياً!!
الحقيقة أن مواصفات قطع التبديل أو الأدوات الكهربائية والإلكترونية المتواجدة في أسواقنا المحلية، بعيدة جداً عن الإتقان أو عن أي مواصفة قياسية ممكن أن نقيسها عليها.. وهي طبعاً قطع "ستوك" تأتي في حاويات كبيرة فيها الكثير معطل وهي غير مكفولة، ورغم ذلك لا يحرك التموين ساكناً يقوّم هذا الخلل المسيطر على الأسواق!!
وموطن الغبن لا يكمن للمواطن هنا فقط.. بل يقفز له بارتفاع أسعارها وتسعيرها وفق سعر الصرف، وغياب هامش الربح المحدد لهذه التجارة..!!
إذاً المستهلك اليوم يغبن مرتين "في الجودة أولاً.. وفي السعر ثانياً" ويمكن أن نقول: إن الدافع لاستيراد مواد غير جيدة بسبب السعر المنخفض قد انتفى اليوم لأن الأسعار باتت مرتفعة جداً.. وبالتالي يمكن تخيل الأرباح الهائلة التي تدخل جيوب أولئلك التجار.
وكما يقال بلغة السوق، "هذه بضائع أرباحها مخفية" بمعنى إنه من الصعب أن يعرف المستهلك نسبة الربح أو السعر الحقيقي للقطع الكهربائية والإلكترونية، ويبقى التسعير ليس وفق العرض والطلب بل وفق المزاجية والاستغلالية..، فحالياً أسعارها بلغت العنان فأرخص ثلاجة سعرها 125 ألف ليرة وأرخص تلفاز سعره يتجاوز 30 ألف ليرة، بارتفاع يمكن أن نقول: إنه بلغ عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة.
إذاً، نحن اليوم أمام حالة من الغبن الواضحة للمواطن مع حالة لا مبالاة من الجهاز الرقابي، فلماذا هذا التسيب في الرقابة؟ وأين المواصفات القياسية التي يتم استيراد هذه التجهيزات وتصنيعها وفقها؟ طبعاً لن نحصل على جواب لأن لا أحد يملك الجواب الشافي ولا أحد يعلم كيف تدخل هذه البضائع المستوردة إلى أسواقنا وكيف تتم مراقبتها وتسعيرها.
ضجة إعلامية:
يمكن القول: إن افتعال ضجة إعلامية كالتي حدثت في منتصف العام المنصرم ممكن لها أن تحرض شيئاً لدى الحكومة، فإن لم تكن تعرف ما الإجراء المتخذ لحل مشكلة كهذه ممكن للمسؤول أن يستفتي أهل الخبرة في المجال.
ففي تصريح للصناعي محمد سامر عرب من محافظة حلب تم نشره بأكثر من وسيلة إعلامية ليصل الصوت للحكومة ركز على الجودة والمواصفة ولكن مع تحديد المصدر التركي الذي يسعى جاهداً لدك ما تبقى من صناعات حلب، يقول سامر: "هل من المعقول أن يستمر تجارنا باستيراد البضائع (الستوك) من تركيا وغيرها من الأسواق الخارجية لتتم جمركتها على علم الحكومة.. كيف لنا كصناعيين منافسة تلك البضائع؟! ذلك غش بحد ذاته للبلد والزبائن وللمستهلك والصناعيين".
وأشار إلى أنه على الحكومة أن تنظر إلى الأسواق فما دامت الألبسة تصنع في سورية لماذا يتم استيرادها من الأسواق الخارجية وبهذا المستوى الرديء.
وأضاف عرب: هناك معاناة من نقص شديد في كل المواد أهمها المواد الأولية حيث قال: "نحن نحتاج إلى الموارد والبنى التحتية وهذا لا نستطيع أن نطلبه إلا من الحكومة.. وبالنسبة لنا كصناعيين حاولنا التواصل مع جميع الأسواق التي كان لنا وجود فيها سواء أسواق عربية أم أجنبية حتى اليوم. الأوروبيون يذكرون الصناعة السورية التي لا يمكن أن يكون لها بديل في أسواقهم".
وأضاف: "كذلك الأسواق العربية وحتى اللحظة لم تستطع أي دولة أن تحل محل الصناعات السورية وهذا يشكل معاناة بالنسبة لهم والتجار في الدول المجاورة يشعرون بنقص البضائع السورية، ونحن بدورنا ليس من مصلحتنا أن نخسر هذه الأسواق وما نحتاجه من الحكومة أن تنظر إلى الصناعة ببعض المسؤولية وبعين مسؤوليتهم بعودة الصناعة السورية لتكون عماد الاقتصاد السوري.. لأنه من دون الصناعة لا يمكن أن يتحسن الاقتصاد ونحن لدينا عمال قد اضطرتهم الظروف للمغادرة ولكنهم في حال تأمين ما يلزم لهم من الاستمرار في عملهم فهم مستعدون للعودة إلى حضن الوطن، فلماذا لا تقوم الحكومة بالمبادرة والمساهمة في نهضة الصناعة من جديد".
هيئات الرقابة تسهم في رفع السعر:
هناك مشكلة ومعاناة حقيقية من عناصر حماية المستهلك في تصريف المنتجات، ومن أجور الشحن.. والأدهى من ذلك هناك مطالب عن حماية المستهلك حول إظهار الفواتير المتعلقة بالبضائع والتي من الصعب على الصناعيين في بعض المناطق كحلب مثلاً في ظل ظروف الأزمة أن يحصلوا على الفاتورة التي لا يمكن تأمينها.
إذاً.. ما الحل؟ وكيف النجاة من محاصرة هذه الدوريات للصناعي؟! فإما أن يدفع لهم أو يكتب أقل مخالفة 5 - 10 آلاف ليرة وهذه تتكرر شهرياً بحجة عدم وجود فاتورة مثلاً أو تحت أي ذريعة أخرى.. عدا أجور المحال وغيرها من التكاليف.
وجميع هذه الأعباء، سيحملها الصناعي للمستهلك.. أو سيلعب على وتر الجودة مقابل المحافظة على السعر.. أو سيرفع السعر مع تخفيض الجودة كما فعلت معامل الأدوية قبل أن توافق الصحة على رفع أسعار الدواء إذ إن بعض المعامل خفض من نسبة المواد الفعالة للدواء ليتناسب مع السعر الذي حافظت عليه وزارة الصحة لفترة.
إذاً.. إن لم نجد حلاً فسنقع في دوامة لا متناهية من الجشع والرفع للأسعار والتحايل على القوانين.
غياب المنافسة..
يمكن ربط ارتفاع السعر اليوم مع انخفاض الجودة بجميع السلع والمواد، كالغذائيات التي يتم رفع أسعارها مع التلاعب بتواريخ الإنتاج أو بالتلاعب بالمواصفات، إذ ظهرت خلال الأزمة العديد من الأسماء والماركات الغذائية مشكوكة المصداقية في المواصفات أم لا.. وبالظاهر فقد أصبحت المنافسة كبيرة لتعدد الماركات ولكن الحقيقة أن العديد من العلامات المسجلة المعروفة وذات المصداقية قد غادرت البلاد وتم نقل معاملها، ويتم استيراد بضائعها بأسعار مرتفعة جداً أكبر من قدرة المواطن العادي على اقتنائها، فاستغلت الماركات الناشئة هذا الارتفاع الكبير للسعر ورفعت السعر بما يلبي أرباحها السريعة مع ذات الجودة المنخفضة المقدمة.. والمواطن مضطر لشراء الجودة المنخفضة بالسعر المرتفع لأن الجودة العالية سعرها فاحش.
كما يمكن ملاحظة غياب المنافسة اليوم بشكل واضح في قطع غيار الآليات من سيارات وأمثالها، إذ إن البضائع الموجودة حالياً في الأسواق ذات جودة متدنية وبأسعار مرتفعة جداً.. ولا يمكن للباحث أن يجد قطعاً ذات جودة عالية إلا بتبويس الشوارب والموانات واستغلال الصحبة والمعارف.. طبعاً مع السعر الذي يقص الرقاب..
ونفس الأمر يمكن قياسه على جميع السلع كالألبسة والإطارات وحتى حلوى الأطفال.
تعقيب..
لن نعلق على الموضوع أكثر.. بل سنكتفي بالوقوف على أطلال ما قبل الأزمة عبر مداخلة للسيد إيهاب اسمندر مدير صندوق دعم الصادرات السورية آنذاك خلال حوار مفتوح نظمته غرفة صناعة حماة مع مختلف شرائح المجتمع، حيث أشار إلى أن المجلس الأعلى للتصدير وهيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين وصندوق دعم الصادرات جميعها مؤسسات تسعى إلى تحسين جودة المنتج الوطني وجعله مقبولاً عالمياً.. حيث بيّن أن هناك بعض المنتجات السورية وخاصة في مجال الصناعات النسيجية والغذائية تحظى بإقبال واسع في الأسواق العالمية لدرجة أن العديد من الشركات العالمية تبرم عقود استيراد من منتجين سوريين حصرياً.
وأضاف: إن هناك خططاً وبرامج تتعلق بعمليات زيادة الترويج للمنتج المحلي والبحث عن المستهلكين ورصد انطباعاتهم وإيجاد أسواق جديدة في ظل التنافس المحموم بين المنتجين ودخول شركات مصنعة من مختلف الدول.
وعلى ما أذكر.. فقد تمحورت وتركزت مداخلات الحضور على أهمية المنافسة في السعر والجودة يومئذ.. ودمتم.