ماذا تعرف عن خلع الورك الولادي؟

ماذا تعرف عن خلع الورك الولادي؟

الأزمنة

السبت، ٢٧ مارس ٢٠١٠

العديد من حالات خلع الورك الولادي تتحسن عفوياً دون أية مداخلة خلال الشهر الأول من العمر

الاختصاصيون ينصحون الأمهات بعدم  استعمال " الحفاضات مثلثية الشكل"


يعتبر خلع الورك الولادي من أهم أسباب العجز عند الأطفال، وهو أشيع تشوه خلقي، يعتبر سبباً لنسبة 9% من حالات تركيب مفصل صناعي للورك، و29% من هؤلاء يكون بعمر أصغر من60 سنة. وبالرغم من الشفاء العفوي لمعظم الحالات في الأشهر الأولى فإن استمرار الحالة المشوّهة تسبب لدى الشخص ألماً مزمناً وسوء مشية، وتنتهي عادة بتنكّس المفصل.
في معظم الدول المتطورة يسجل نسبة حدوث 1.5 إلى 20 حالة خلع ورك ولادي لكل 1000 ولادة. وتختلف نسبة حدوثه حسب العرق، فتزداد عند الأشخاص بالعرق السامي والأمريكيين، وتقل عند سكان إفريقية.
الدكتور محمد فريز مسلماني الاختصاصي بأمراض العظام والمفاصل وجراحتها سيحدثنا عن هذا المرض بكل تفاصيله...
* هل تعرّف لنا مرض خلع الورك الولادي؟
- سوء تشكّل الورك عبارة عن مجموعة من شذوذات تشريحية للورك حيث تكون العلاقة بين رأس الفخذ والجوف بالحوض غير طبيعية. ويشمل أربع حالات وهي:
1- سوء تشكل: هناك نقص تشكل في الجوف الحقّي (الجوف الذي يتوضّع فيه رأس الفخذ في الحوض). قد لا يكون هذا النوع واضحاً سريرياً، لكن شعاعياً تظهر تشوهات عديدة.
2- تحت خلــع: يكون رأس الفخذ مخلوعاً جزئياً خارج الجوف.
3- قابل للخلع: رأس الفخذ موضّع ضمن الجوف لكنه قابل للتبدل بإجراء مناورات.
4- مخلوع: رأس الفخذ كاملاً خارج الجوف وهذا يقسم إلى نوعين:
الأول خلع ورك جنيني يكون الخلع موجوداً بالأشهر الأولى داخل الرحم وغالباًَ ما يترافق مع تشوهات أخرى مثل الشوك المشقوق (وهو عدم التحام نصفي القوس الفقرية حيث تبدو الفقرة مشقوقة بالمنتصف). وهذا النوع لحسن الحظ نادر جداً، ويتطلب علاجاًَ جراحياًَ. والنوع الثاني الخلع النموذجي، ويحدث عند وليد طبيعي ويمكن أن يحدث قبل الولادة أو بعدها.

 هل تعطينا لمحة جنينية وتعرفنا على مراحل تطور الورك ؟
- لا بد من فهم التطور الجنيني والتطور بعد الولادة لفهم طبيعة هذا التشوه. وتقسم مراحل تطور الورك إلى أربع مراحل وهي:
1- الأسبوع الثاني عشر
2- الأسبوع الثامن عشر
3- الأسبوع السادس والثلاثون والأربعون
4- مرحلة فترة بعد الولادة
ويبدأ تشكل الورك بالأسبوع السابع من الحمل، ويتشكّل رأس الفخذ من نفس الكتلة التي يتشكّل منها الحوض. فعندما يتشكّل رأس الفخذ ويتوضّع بشكل صحيح بالنسج المحيطة به، يشكّل الجوف ليحتوي الرأس ويشكل لاحقاً جوف المفصل. وإذا لم يتوضّع رأس الفخذ بشكل صحيح فلن يتشكل الجوف بشكل جيد.
وبالأسبوع الحادي عشر يتم تشكّل الورك. حيث يتكون رأس الفخذ والجوف من كتلة غضروفية، وكلا الجزأين معرض لتبدلات خلال التكوين، تنجم عن عوامل خارجية مثل تأثير قوة الرحم، وتأثير عضلات الجنين الآخذة بالتشكّل، وتأثير حركة الجنين والوليد لاحقاً.
الأسبوع الثاني عشر من الحمل وهو أول فترة حرجة لحصول الخلع، عندما يحدث دوران داخلي للأطراف السفلية للجنين. تصبح الركبتان للأمام. والخلع الذي يحدث في هذه الفترة تشوّهي.
أما مرحلة الأسبوع الثامن عشر فهي المرحلة الثانية الحرجة التي يمكن أن يحدث فيها الخلع، لأن هذا وقت تشكّل عضلات الجنين حول الورك. حركات الجنين الطبيعية تمطّط الأربطة وتدعم توضع الفخذ في الجوف المفصلي. بالإضافة إلى أمراض العضلات والمفاصل التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث الخلع.
آخر أربعة أسابيع من الحمل وهي الفترة الحرجة الثالثة وهي تتعلق بوضعية الجنين في الرحم مثل التوضع المقعدي، وتأثير قوة الرحم، نقص السائل الأمنيوسي في الرحم، مما يحدّد حركة الجنين الطبيعية، وتعرقل التطوّر.

رابع مرحلة حرجة هي بعد الولادة عندما ينتقل الوليد من حالة ثني الوركين داخل الرحم إلى حالة البسط بعد الولادة. بعض الأطفال لديهم رخاوة بالمفصل تسمح بحركات غير طبيعية للورك. وعند الولادة يكون تشكل الجوف المفصلي جزئياً أي أقل من 50% من رأس الفخ محتوىً بالجوف. هذه الأمور تؤدي إلى تحت الخلع أو حتى الخلع التام.
ثم بعد الولادة يتسارع تشكل الجوف بشكل ملحوظ وعلى مدار سنين يكتمل تشكّل مفصل الورك. لكن هذا التشكّل يعتمد بشكل أساسي على توضّع الرأس ضمن الجوف. واستمرار الخلع يسبب تشكّل رأس فخذ مسطح بدلاً من رأس مستدير وجوف غائر سطحي، عندها يتجه الفخذ للأعلى خارج المفصل.
* ما أسباب هذا المرض ؟
- هناك أسباب عدة لحدوث الخلع الولادي، لكن أهم عامل هو الرخاوة الرباطية التي تصنع الورك أثناء تطوره تحت قوى ميكانيكية تدفع رأس الفخذ خارج الجوف الحقّّّي.
* ما هي عوامل الخطورة ؟
- الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بهذا المرض أكثر من غيرهم هم:
أ - الإناث: وجود هرمونات الذكورة عند الأطفال الذكور يعطي بعض الحماية من تأثير هرمونات الأم المرخية التي تزيد بدورها من الرخاوة المفصلية.
ب - المجيء المقعدي: وضعية العطف الشديد للورك ونقص الحركة بالرحم.
ج - الولادة المبكرة: بسبب عدم تمدد الرحم بشكل كاف وضغط عضلات بطن الأم التي تحدد حركة الجنين.
د - وجود قصة مشابهة في العائلة.
هـ - زيادة وزن الوليد أكثر من 4 كغ.
* ما هي المظاهر السريرية ؟
- حسب العمر.. الوليد: يلاحظ عدم الثباتية بالمفصل عند حدوث الولادة تحدد تبعيد الأطراف السفلية.
- الأطفال: عرج بالمشية، ألم مفصلي، ولاحقاً تنكس مفصلي.
* وكيف تشخص الحالة ؟
- حجر الزاوية في كشف المرض هو تكرار إجراء فحص الطفل منذ ولادته وحتى اكتمال أول سنة من عمره حيث يبدأ بالمشي.
يجب أن يكون الفحص للوليد وهو مستلق ومسترخ، لأن بكاء الوليد يشنج عضلاته ويمنع كشف الخلع. الفحص يجب أن يكون بدون ملابس وأول ما يجب ملاحظته تناسق تشابه حركات الطرفين ثم تقييم إمكانية تبعيد الورك 70 درجة وتقريبه 30 درجة بشكل مريح، ثم يوضع أخمص القدمين على الفراش مع عطف الركبتين. نلاحظ إن كان هناك فرقاً بالطول بين مستوى ارتفاع الركبتين (علامة أليس).
ثم يقلب الطفل على بطنه (اضطجاع) لمقارنة ثنيات الإليتين والدوران الخارجي ويحدد التبعيد.
ومن الفحوصات المثبتة فعاليتها هو اختبار مناورة بارلو – أورتولاني،
بارلو يختبر إجراء الخلع وأورتولاني يختبر قابلية الرد – المفصل القابل للخلع عند إجراء مناورة الخلع (بارلو) يسمع له طقة مميزة عندما يخلع. يجب أن يجرى الفحص والطفل بدون حفاض. وكل ورك يفحص على حدة. والمناورة يجب أن تكون لطيفة.
مناورة أورتولاني: الطفل مستلق على ظهره ونقوم بعطف الورك 90 درجة، نضع إصبع السبابة والتي تليها على أعلى الفخذ من الخارج والإبهام من الداخل، بتبعيد لطيف مع رفع نهاية الفخذ إلى الأمام نشعر بطقة تدل على عودة الرأس المخلوع إلى الجوف.
مناورة أورتولاني: هي عكس الإجراء السابق نقوم بتقريب الفخذ مع ضغط خفيف بالإبهام من داخل الفخذ فنشعر بالطقة التي تدل على خروج الرأس من الجوف.
بعد 12 أسبوعاً (3 أشهر تقريباً) يصبح اختبار بارلو أورتولاني غير دقيق بسبب زيادة توتر العضلات ونقص رخاوة المحفظة. بعد 3 أشهر نعتمد غالباً على تحديد التبعيد بالطرف. وهنا كلا الطرفين يتم فحصهما معاً. الفخذ والركبة بحالة عطف ويتم تبعيد الساق. أي درجة من عدم التناظر بين الطرفين يدل على التشوّه.
* هل هناك علامات أخرى للتشخيص ؟
- أجل.. يوجد قصر بالطرف المصاب عند إجراء عطف للركبة والورك نلاحظ عدم تناظر بالطول، عدم تناظر ثنيات الفخذ بين الطرفين.
يجب خلال الفحص التمييز بين خلع الورك وحالة تحت الخلع. تحت الخلع تكون حركة الورك رخوة لأن الرأس يتحرك ضمن الجوف بدون أن يخلع. ومعظم حالات تحت الخلع تثبت خلال أسبوعين من العمر لكن البعض منها قابل للتحول إلى خلع كامل وهذا لا يمكن أن يكشف إلا بإجراء فحص روتيني للورك ومتكرر،
هناك حالات يكون فيها نتائج الفحص السريري غير طبيعية، رغم كون الورك غير مخلوع مثل التهاب المفصل القيحي، أو تجمع دموي بالمفصل أو تشوّه بزاوية الورك.
* وماذا عن التقييم الشعاعي ؟
- خلال أول ستة أشهر نلجأ إلى اختبار الإيكو لأنه أدق من الأشعة بسبب عدم ظهور نواة الفخذ بعد. يمكن للإيكو أن يكشف خلال الأشهر الأولى من العمر وجود عدم اكتمال نمو الجوف أو عدم ثباتية. ولكن معظم هذه الحالات تتحسن عفوياً ودون أي علاج. التصوير الطبقي أو المرنان (الرنين المغناطيسي) يشخص الحالة، ولكن نلجأ إليها في تقييم الحالات قبل المداخلة الجراحية.
* وما هي الطرق العلاجية ؟
- مبادئ العلاج هي: رد الخلع، تثبيت المفصل بحالته الطبيعية، وتأكيد زوال سوء تشكل المفصل.
وضع الورك بوضعية التبعيد مع العطف هي أول وأهم نقطة بالعلاج لأنها تضع رأس الفخذ بمكانه الصحيح في الجوف.
العديد من حالا ت خلع الورك الولادي تتحسن عفوياً دون أية مداخلة وذلك خلال فترة أول شهر من العمر. والسبب فيها يعود إلى عدم اكتمال النمو للفخذ والجوف المفصلي.
يجب المداخلة العلاجية بأسرع وقت للحالات غير الثابتة، والبعض يعطي فرصة أسبوعين للمراقبة، لكن في حال استمرار التشوه يجب العلاج فوراً...
الأطفال الأكبر من عمر ستة أشهر نلجأ إلى رد الخلع بشكل مغلق أو عمل جراحي إذا لزم الأمر.
وتعتبر الآن جبيرة بافيليك الخيار الأفضل للعلاج للأولاد أصغر من عمر 6 أشهر وهي جهاز حركي يمنع بسط وتقريب الفخذ وهي الوضعية التي يخلع فيه المفصل. لكن رغم أمان هذا الجهاز إلا أنه يحمل مخاطر وهي حدوث تموّت في رأس الفخذ. أو انضغاط العصب الفخذي أو تأخر تطور الجوف المفصلي، وأخيراً خلع الركبة.
وأحب أن أنوه هنا بأنه لم يعد استعمال الحفاض المثلثي منصوحاً به.

* وكم تبلغ فترة العلاج ؟
- تعتمد على عمر الطفل وشدة الحالة...
* ما دور الأهل للحصول على نتائج مثالية ؟
- يجب توعية الأهل، ويجب أن نعلّمهم كيفية ارتداء الجبيرة وكيف تعمل وكيف يمكن للأم أن تقوم بتنظيف الطفل أثناء لبس الجبيرة والاهتمام بالجلد والحمام.
يجب أن يعي الأهل أهمية استمرار لبس الجبيرة وزيارة الطبيب الروتينية كل عشرة أيام للتأكد من وضع الجبيرة الصحيح.
وأخيراً أقول بأن تشخيص حالة خلع الورك عملية صعبة ومهمة. وما يهمنا هو تجنب كشف الحالات المتأخرة. يبقى مفتاح التشخيص المبكر للحالة هو الفحص السريري الدقيق والمتكرر خلال السنة الأولى من العمر. لذلك على من يقوم بالفحص أن يكون على سوية عالية من الخبرة، وهذا يبين أهمية تزويد العناصر الطبية بالتدريب والمعلومات والخبرة اللازمة. أما استخدام الاستقصاء الشعاعي أو الإيكو لمن يكون فحصه طبيعياً فهذا أمر غير مؤكد ويفضّل أن نلجأ إلى ذلك في حالات الأطفال الذين تكون الخطورة لديهم عالية.
وفاء حيدر