متلازمة نفق الرسغ

متلازمة نفق الرسغ

الأزمنة

الأربعاء، ٢٢ يونيو ٢٠١١

إن معصم اليد محاط من الأمام برباط ليفي يقوم بحماية ودعم مفصل المعصم، ويسمى الرباط المستعرض. والمسافة بين هذا الرباط المستعرض وبين عظام المعصم تسمى نفق الرسغ.إذاً فجدران هذا النفق تتكون من عظام معصم اليد والرباط المستعرض. يحتوي هذا النفق على العصب المتوسط وأربطة وأوتار العضلات التي تكون مغطاة بأغشية رقيقة والتي تحرك الأصابع. يعمل النفق الرسغي على حماية العصب المتوسط داخله لأنه يمرّ عبره. وإذا حصل التهاب أو ورم في أي من الأنسجة الموجودة بالنفق الرسغي فإنها تقوم بالضغط على العصب المتوسط، مما يؤدي إلى حدوث ضعف باليد، الإحساس المؤلم والوخز في الأصابع وجزء من اليد الذي يقوم ذلك العصب بتغذيته، وذلك ما يسمى بمتلازمة النفق الرسغي.
وهذه الحالة هي أكثر شيوعاً عند السيدات بالأعمار 30-60 عاماً. وعنها سيحدثنا الدكتور محمد فريز مسلماني الاختصاصي بأمراض العظام والمفاصل وجراحتها..
* ما وظيفة العصب المتوسط الذي يقوم بحمايته النفق الرسغي؟
- وظيفة هذا العصب هو نقل الإحساس في جزء من راحة اليد وأصابع اليد جميعاً عدا الخنصر.
* ما أسباب المتلازمة؟
- عند حدوث التهاب أو ورم في أي من الأنسجة الموجودة بالنفق الرسغي فإنها تقوم بالضغط على العصب المتوسط، مما يؤدي إلى الإحساس بالألم، والوخز والخدر في راحة اليد والأصابع وجزء اليد الذي يقوم ذلك العصب بتغذيته، ويحدث أيضاً الضغط على العصب المتوسط نتيجة استخدام اليد في العمل بطريقة خاطئة مما يؤدي إلى استمرار الضغط على العصب.
وهناك أسباب أخرى تؤدي إلى حدوث متلازمة النفق الرسغي نتيجة الضغط على العصب مثل:
- كثرة استعمال اليد والقيام بحركات متكررة لليد والرسغ بصورة مستمرة. لذلك تنتشر المتلازمة عند الذين يتطلب عملهم ذلك كالكتابة على لوحة المفاتيح، أو التطريز، لعب كرة اليد، الموسيقيين، النجارين، الميكانيكيين.
- كسر في رسغ اليد.
- هناك بعض الأمراض التي تؤدي لحدوث متلازمة النفق الرسغي، حيث أنها تؤدي إلى ورم في الأنسجة الموجودة في النفق وبالتالي الضغط على العصب وذلك مثل الداء السكري، التهاب المفاصل الثواني، نقص هرمون الدرق.
- الأشهر الأخيرة للحمل، ويتحسن بعد الولادة.
- وهناك أسباب غير واضحة بعد..
* ما هي الأعراض؟
- الشعور بالنمل والخدر في اليد والأصابع جميعاً، ما عدا الخنصر. وهذا الإحساس يحدث ويزداد عند حمل الأشياء مثل سماعة الهاتف أو الجريدة أو عند الاستيقاظ. وكثير من المرضى ينفضون أيديهم لتحسين هذه الأعراض، وعندما تترقى الحالة فإن هذا الإحساس يبقى مستمراً.
- الألم الممتد من المعصم إلى الذراع حتى الكتف وإلى الأسفل حتى راحة اليد والأصابع وخاصة بعد استعمال اليد بأشياء متكررة، وكلما كانت اليد بمستوى منخفض عن باقي الساعد.
- صعوبة الإمساك بالأشياء أو حمل الحقائب.
- يزداد الألم والوخز أثناء الليل، فيمكن أن تؤدي إلى الاستيقاظ من النوم، فيحدث ضعف في الأصابع مع مرور الوقت وتصبح القبضة ضعيفة. وقد تكون الإصابة بيد واحدة أو بكلتا اليدين.
* متى يتوجب استشارة الطبيب؟
- عندما تشعر بعلامات وأعراض تدل على متلازمة نفق الرسغ حتى إذا كانت هذه الأعراض تعيق نشاطاتك اليومية، وإذا أهملت الحالة بدون استشارة، فإنها ستؤدي إلى أذية العضلات والأعصاب.
* والتشخيص؟
- يتم بعدة طرق:
- قصة وشكوى المريض: إن نموذج ونمط الأعراض والعلامات تدل على الإصابة مثلاً، لأن العصب المتوسط لا ينقل إحساس الخنصر، فوجود أعراض في الخنصر تدل على حالة أخرى غير نفق الرسغ. شيء آخر هو وقت ظهور الأعراض. الأوقات النموذجية للأعراض الناجمة عن نفق الرسغ تظهر عند حمل الهاتف أو الجريدة أو عند الاستيقاظ بالليل.
- خلال الفحص الطبي للإحساس بالأصابع وقوة العضلات باليد. كذلك الضعف على العصب (أثناء عطف المعصم) أو نقر العصب يثير الأعراض.
- التصوير الشعاعي: قد يطلب لنفي أسباب أخرى للألم مثل التهاب المفاصل أو الكسور.
- تخطيط العضلات الكهربي: توضع إبر رفيعة (مجسّات) في عضلات اليد المدروسة. وعن طريق آلة نقوم بقياس النشاط الكهربي في عضل اليد عند الراحة وعند تقليص العضلة. تفيد هذه الدراسة في كشف أذية العضلات.
- دراسة الناقلية الكهربية للعصب: يوضع مجسات كهربائية على اليد. ونطلق نبضة كهربائية صغيرة عبر العصب المتوسط وندرس سرعة مرور هذه النبضة عبر العصب.
* ما عوامل الخطورة؟
- هناك عدد من العوامل التي تترافق مع متلازمة نفق الرسغ برغم من أنها لا تسبب بنفسها الإصابة، لكنها تزيد فرصة تطورها أو تفاقمها. وتشمل:
- عوامل تشريحية: خلع أو كسر بالمعصم التي تبدل المسافة ضمن النفق يمكن أن تزيد من الضغط المطبق على العصب. كذلك الإصابة تكون أكثر حدوثاً عند النساء بسبب صغر حجم النفق عندهن مما هو عند الرجال.
- حالات إصابة العصب: بعض الأمراض المزمنة مثل السكري أو الإدمان الكحولي تزيد خطر إصابة العصب.
- حالات التهابية: الأمراض الالتهابية مثل الرثواني أو الإنتان يمكن أن تؤثر على الأوتار في النفق الرسغي والتي بدورها تضغط على العصب المتوسط.
- تبدلات في توازن السوائل والأملاح في الجسم: حالات مثل الحمل أو الضهي أو البدانة, أو اضطرابات الغدة الدرقية، والفشل الكلوي، كلها تؤثر على مستوى السوائل في الجسم واحتباس السوائل. وهذا بدوره يزيد الضغط ضمن النفق ويهيج العصب.
- عوامل تتعلق بالحمل: التعامل مع معدات ذات اهتزازات شديدة أو الأعمال التي تتطلب عطف معصم متكرر أو عطفاً لفترة طويلة تزيد من الضغط المؤذي على العصب. والاستعمال الطويل للكومبيوتر كذلك يزيد من احتمال إصابة العصب.
العلاج
- بعض الأشخاص الذين لديهم أعراض بسيطة يمكن لهم أن يخففوا الأعراض بأخذ فترات استراحة منقطعة خلال عملهم ويمكن وضع كمادات باردة بتخفيف التورم في المنطقة. إذا لم تفلح هذه الوسائل يمكن استعمال الجبائر أو الأدوية وأخيراً الجراحة. واستعمال الجبائر وبعض الطرق المحافظة الأخرى على الأغلب تفيد في الحالات الخفيفة والمتوسطة، وإذا لم يمض عليها فترة أطول من عشرة أشهر.
* وهل توضح لنا الطرق غير الجراحية والجراحة نفسها؟
- الطرق غير الجراحية: بوضع جبائر على الرسغ واليد لتثبيت الرسغ وتستعمل أثناء الليل في البداية، وإذا لم تظهر نتيجة فيمكن استعمالها أثناء الليل والنهار.
- تناول الأدوية المسكنة مثل الأسبرين.
- تناول فيتامين B6 لأنه يعطي نتائج جيدة، وينصح بعدم أخذ أكثر من 200 مغ يومياً.
- حقن الكورتيزون لأنه يخفف الالتهاب والتورم. ولكن قد تعود الأعراض مرة ثانية
- إذا كان المرض ناجماً عن أسباب أخرى مثل السكري، الداء الرثواني أو الدرق، عندها يجب علاج السبب الأساسي.
أما الجراحة: فيتم اللجوء إليها عند فشل جميع الوسائل السابقة. وازدياد الأعراض. وتختفي الأعراض بعد الجراحة مباشرة، وهي جراحة بسيطة تبلغ نسبة نجاحها 85%، وتتمثل الجراحة في قطع الرباط المستعرض الرسغي الذي يكوّن سقف النفق. بذلك يصبح العصب المتوسط يمر بحرية خلال النفق، ويمكن استعمال اليد بشكل طبيعي بعد الجراحة بأسابيع.
وهناك نوعان للجراحة، الجراحة المفتوحة: تتمثل خطوات العمل كالآتي: تخدير موضعي وعمل شق بطول 2 سم لكشف الرباط المستعرض وقطعه بحذر ثم خياطة مكان الشق. وبعد الجراحة يستعمل رباط ضاغط لمدة أسبوعين. يجب رفع اليد، مع تجنب تدليها إلى الأسفل لتقليل التورم، وإزالة الخياطة بعد أسبوعين. ويجب التأكيد على ضرورة القيام ببعض التمارين لليد والرسغ والأصابع. ينصح بالعودة للعمل بعد ستة أسابيع. والجراحة بالمنظار: وهي طريقة حديثة لكنها مكلفة جداً، يتم عمل شق صغير عند معصم اليد ويتم من خلاله إدخال المنظار واستخدام آلة صغيرة لقطع الرباط المستعرض.
وهناك طرق أخرى للعلاج مثل العلاج الفيزيائي لليد، واستعمال الصدمات بالأمواج فوق الصوتية والتي تفيد في رفع حرارة الأنسجة، وهذا يحسن الألم والالتهاب.
* ما هي وسائل الوقاية التي تخفف الجهد على اليد وتمنع حدوث الإصابة؟
- وسائل كثيرة منها:
- تخفيف الجهد وتقليل قوة القبضة: معظم الأشخاص يمارسون عملهم بقوة قبضة أكثر مما يلزم لإنجاز عمل ما، مثلاً عند العمل على الكاشير تعامل مع الأزرار بلطف. وعلى من يقوم بالكتابة لفترة طويلة استعمال أقلام كبيرة وجيدة والكتابة بلطف أيضاً.
- أخذ فترات راحة متعدد وخلالها القيام بتمطيط وطي اليدين بشكل متناوب وهذا يلزم خاصة عند من يتعامل مع أدوات اهتزازية أو عند من يقوم بأعمال تتطلب قدراً عالياً من القوة.
- عدم وضع المعصم لفترة طويلة بكامل العطف أو البسط، والوضعية الوسط هي المريحة والأفضل. مثلاً عند استعمال لوحة المفاتيح حافظ على المعصم بنفس مستوى المرفق.
- الانتباه لوضعية الجلوس فالوضعية الخاطئة تسبب انحناء الظهر والرقبة والكتفين وهذا يؤثر على أعصاب اليدين.
- المحافظة على أن تكون اليدين دافئتين. فالعمل في جو بارد يثير الألم ويبوسة اليدين. وإذا لم تتم السيطرة على حرارة الجو في العمل يمكن لبس قفازات بدون أصابع لإبقاء اليدين دافئتين.
- إنقاص الوزن في حالة السمنة.
- الاهتمام بعلاج أي مرض قد يسبب متلازمة نفق الرسغ.
- يجب عدم سند رسغ اليد على سطح صلب لفترات طويلة.
- التغيير بين اليدين أثناء العمل، فلا يتم الاعتماد على يد واحدة فقط.
- اختيار أدوات مريحة ومناسبة لليد أثناء العمل.
- عند استعمال لوحة المفاتيح يجب جعل مستوى الكرسي مناسباً بحيث يكون مستوى اليدين بمستوى لوحة المفاتيح فلا يوجد حاجة لثني رسغ اليدين.
- الحفاظ على التمارين البسيطة لليدين والأصابع خلال فترات الراحة.
وأخيراً نقول بأن متلازمة النفق الرسغي لا تدعو للقلق، فمع العلاج يختفي الألم وتعود الأمور إلى طبيعتها. لكن في نفس الوقت يجب عدم التهاون في العلاج لمدة طويلة حتى لا تصبح الأعراض دائمة، وبالتالي يصعب الشفاء منها.
 وفاء حيدر