مخطط تفجير المنطقة!.. بقلم: د. بسام الخالد

مخطط تفجير المنطقة!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الأحد، ٩ أغسطس ٢٠٢٠

هل كان "هنري كيسنجر" على حق عندما طمأن الإسرائيليين قبيل عام 1973م قائلاً: (العرب جثة هامدة، ولن تتحرك هذه الجثة إلا إذا تحركت الإرادة)؟!
وقتها تحركت الإرادة العربية وقوّضت تنبؤات كيسنجر وكان أهم ما في الأمر ذلك  (التضامن) الذي لم يحدث مثله في تاريخ العرب الحديث.
منذ ذلك الحين و"إسرائيل" تخطط لضرب أي شكل من أشكال هذا التضامن العربي الذي كان وتعمل على ألا يعود!
في بحث نشرته دورية المنظمة الصهيونية العالمية (كيفونيم) بقلم الصحفي الإسرائيلي "عوديد ينون"  المقرب من الخارجية الإسرائيلية، دعا فيه بوضوح إلى نشر الفوضى في العالم العربي وإحداث انقسام في الدول العربية من الداخل إلى درجة تصل إلى (بلقنة) كل الدول العربية وتجزئتها إلى جيوب طائفية، وهو ما يتوافق مع الخطة التي طرحها البروفسور الإسرائيلي "إسرائيل شاحاك" والتي تهدف لتحويل إسرائيل إلى قوة عالمية من خلال نشر الفوضى في الدول العربية وبالتالي إعداد المسرح في (الشرق الأوسط) للهيمنة الإسرائيلية.
وإذا ما استعرضنا الدور الإسرائيلي في تناقضات منطقتنا تكشف لنا الوثائق والوقائع والمعطيات والتصريحات الصادرة عن المنظرين الصهاينة في "إسرائيل" والولايات المتحدة، أن أمن إسرائيل يتحقق عندما تكون "إسرائيل" أقوى عسكرياً من أي تحالف عربي محتمل، وهذا ما صرح  به "ديفيد بن غوريون" يوم الإعلان عن قيام ما يسمى "دولة إسرائيل" عام 1948م وباتت هذه الرؤية عقيدة "إسرائيل" الأمنية لعقود عديدة!
إلا أن العديد من الاستراتيجيين الصهاينة رأوا لاحقاً أن هذه النظرية وحدها لا تكفي لضمان (أمن إسرائيل)، وأن ضمان هذا الأمن مرهون بانهيار المجتمعات العربية وضعفها وتمزقها، لذلك بدأت "إسرائيل" منذ عام 1980م اتباع سياسة تقسيم كل شيء في الجانب العربي، بداية من فلسطين إلى بقية الدول العربية، وقد دعم اليمين الأمريكي المتصهين "إسرائيل" بقوة في ضرورة مواصلة هذه الاستراتيجية لإلغاء أي دور للدول العربية وإغراقها في مشكلات داخلية تعمق من ضعفها، وكان سلاح الطائفية والمذهبية والعرقية هو السلاح المجدي بحسب نظرية "بريجنسكي"، منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يصبح  مستشاراً للأمن القومي الأمريكي، حيث جاءت هذه النظرية في كتابه:(بين عصرين) والتي دعا فيها للاعتماد على الأصوليات الدينية لمواجهة الخطر الماركسي بداية، ثم عمم هذه النظرية لتشمل منطقتنا، فدعا لهيمنة رجال الدين وإشعال حروب الأديان والطوائف وتقوية التيارات الدينية، وألحق نظريته بالقول: "إن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى تصحيح الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس - بيكو ومقررات مؤتمر فرساي"!
أما هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، فقد كان سبّاقاً للقول إن كل الأديان تواجدت في هذه المنطقة ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال الدين، أي أن اللعب على وتر الدين الذي هو المدخل المناسب لتنفيذ المشاريع التي تحلم بها الصهيونية العالمية، لذا اشتغل منظرو الاستعمار الغربي ومفكرو الصهيونية على مبدأ إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والمذهبية فيها، ويؤكد هؤلاء إن الحرب الأهلية ودعوات التقسيم التي رافقتها كانت على وجه التحديد هي الهدف الأول لغزو العراق، وأن هذا الهدف لم يوضع في واشنطن، وإنما في "تل أبيب"، وبحسب التصور الصهيوني، فإن من يسيطر على العراق يتحكم استراتيجياً في الهلال الخصيب وبالتالي الجزيرة العربية، ولاحقاً إلى كل دول المنطقة، وعندما تنجح هذه الاستراتيجية في العراق فإن بإمكانها أن تنجح في سورية امتداداً إلى بقية دول المنطقة!
تفجير مرفأ بيروت الكارثي يقود إلى هذا المخطط آنف الذكر، ولن أستبق الأحداث حتى لا أُتهم بنظرية المؤامرة، لكن النتائج تُعرف من مقدماتها، ولست مقتنعاً أن أصابع "إسرائيل" ليست حاضرة، إن لم يكن بشكل مباشر من خلال تقنياتها الإلكترونية الحربية (الجيل الخامس)، فبأيدي عملائها الكثر في لبنان الذين استغلوا الخاصرة الرخوة المتمثلة بالفساد والبيروقراطية والإهمال!
إنه مخطط تفجير المنطقة لإقامة "إسرائيل الكبرى" وضمان مستقبلها لقرون قادمة فهل يتعظ العرب مما يُحاك ضدهم قبل فوات الأوان؟!