مشروبات الطاقة مع الفودكا الكحولية تملأ البرادات ووزارة الصحة ترفض تسجيلها
الأزمنة
الأحد، ٦ مايو ٢٠١٢
منذ حوالي خمس السنوات دخلت مشروبات الفودكا المكسورة بنكهات الطاقة إلى سورية كأنواع أخرى مختلفة تماماً عن كافة المشروبات الأخرى المتعارف عليها في السوق المحلية (المشروبات الغازية والبيرة الخالية من الكحول وغيرها) وشهدت هذه المشروبات رواجاً لا مثيل له بدءاً من منطقة السومرية وجرمانا ودويلعة، لتنتشر فيما بعد في كافة المحافظات السورية سواء عن طريق معتمدين نظاميين أو بواسطة عصابة مهربين.
(الأزمنة) قامت بتسليط الضوء على أنواع هذه المشروبات ومخاطرها الجسدية على حياة المواطن من جهة واقتصادياً على الناتج الوطني خاصة في ظل هذه الأزمة التي ضاقت ذرعاً بالبلاد بعد أن أصبحت شراباً تقليدياً يتم تناوله أكثر من الماء العادي يدفع عليه مواطننا ملايين الليرات السورية في غفلة من الحكومة التي تغط في نوم عميق.
ضمن محال السوبرماركت والبقاليات العادية والأكشاك ستجد مشروبات الفودكا مع الطاقة تملأ البرادات بنكهاتها المختلفة وتحت مسميات متعددة هيBuzz)- Love mix (Xxl- Flash- Lavesh- Xxx – Xlove- فلا تمضي ثوانٍ قليلة حتى تنفذ الكمية والسبب في ذلك هو إدمان ما بعده إدمان من قبل الشباب الفتي والمراهق، مع العلم أن الدول المصنعة لهذه المشروبات كألمانيا وسويسرا كانت على معرفة تامة بأن منتجاتها التي تجمع بين الكحول وما يسمى بشراب الطاقة ستلائم جيل الشباب السوري الناشئ الذي لم يعتد بعدَ الكولا والمتة والشاي والزهورات والحليب أن يتناول هكذا مشروبات تدخل فيها الكحول كمادة أساسية وبنسبة عالية لتطال شريحة واسعة من الأطفال الصغار الذين لا تتراوح أعمارهم بين الـ12 إلى 17 فهم أيضاً ولسوء الحظ أصبحوا مدمنين على تناول الفودكا مع الطاقة، ولوحظ أن نسبة المقبلين على تناول مشروبات الفودكا بالطاقة لم تقتصر فقط على الذكور من شبان وأطفال بل هناك نسبة كبيرة من الإناث المراهقات تقدمن على شرب الإكس إكس إل والفلاش بشكل غير طبيعي، هذا بشهادة أصحاب المحال التي تبيع هذه المشروبات فهو أمر طبيعي بالنسبة لهن على حد قول أبو حنون (صاحب خانة) في دمشق مؤكداً لـ(الأزمنة) أن شراهة ليست بمعقولة تدفع آلاف الذكور والإناث لشراء الفلاش والإكس وغيرها من مشروبات الفودكا مع الطاقة.
أحمد فاروق شاب في الـ25 عاماً نسي الشاي والقهوة التي كان يعتاد على تناولهما كل صباح بعد أن ظهرت مشروبات الفودكا مع الطاقة يقول أحمد "أنا مدمن على تناول هذه المشروبات خاصة (الـفلاش والإكس إكس إل) مشيراً إلى إنه وفي إحدى المرات تناول ما يقارب الـ13 عبوة إكس إكس إل واصفاً شعوره بعد احتسائها بدخوله حالة من الرواق والزهزهة والفرفشة كونها تحتوي وعلى حد قوله نوعاً مخدراً لكن من أسف يؤكد الشاب إنه نقل في إحدى المرات بحالة إسعافية إلى المستشفى نتيجة الإفراط في تناول كميات كبيرة منها ولولا رحمة الله لكان الآن في عداد الأموات، واصفاً هذه المشروبات بأنها مشروبات مضرة ومؤذية وينصح الآخرين بالابتعاد عنها.
وانتقالاً للحديث عن شائعة انتشار ظاهرة بيع مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول للطلاب في بعض الندوات المدرسية خلال الشهر الأول العام الماضي طالبت وزارة التربية مستثمري الندوات في المدارس عن طريق المديريات التابعة لها في جميع المحافظات عدم بيع مشروبات الفودكا مع الطاقة "تحت طائلة المساءلة القانونية" إذا استمر هؤلاء ببيع هذه المنتجات حفاظاً على صحة الطلبة وخوفاً عليهم من الأعراض السلبية الخطيرة التي تنتج عنها، كما عممت التربية على كل المدارس بعد إجراءات تم تنسيقها مع دوائر الصحة المدرسية لزوم شرح الآثار الضارة لمشروب الفودكا مع الطاقة التي تحتوي على الكحول ومواد أخرى تفتك بالصحة.
وبالرجوع إلى الملاحظات المدونة على عبوات مشاريب الطاقة الكحولية وفقاً للمكونات المصرّح عنها من قبل الشركات المنتجة نكتشف خطورة هذه المشروبات إذ تبيّن أنها تحتوي على نسبة عالية جداً من مادة الكافيين والتورين والكحول بنسبة42.5% بالإضافة إلى الماء والسكر وحامض الليمون (اسيد الستريك) وديوكسيد الكربون والغلوكوز والفروكتوز ونكهات متعدة مع الفيتامينات والنياسين (أسيد بانتوسينيك ب6 ب2 وب12)، وهو ما يؤدي إلى شعور شاربيها بحالة من المتعة والنشاط الحيوي العالي، بالإضافة إلى أن عيارات الكحول لكل عبوة من هذه الأنواع تبدأ من (10%-40 % vol) وهي نسب خطيرة جداً، كما تحتوي على معلومات تحذيرية مكتوبة باللغة الإنكليزية لا يستطيع من ليس لديه إلمام بهذه اللغة ترجمتها على النحو الصحيح كعدم احتسائها أثناء قيادة السيارات، وهناك (إشارة تحذير حمراء) مرفقة تقول بعدم تناولها لمن هم دون سن الـ18 وكل من لديهم حساسية مفرطة ضد مادة الكافيين الداخلة في التركيبة العامة لها، وهنا لا نرى أي وجود لتحذيرات وزارة صحتنا الموقرة أسوة بتلك الموجودة على علب التبغ الأجنبي المستوردة والذي يسمى (دخان محذر) وهذا من الأخطاء الفادحة التي لم تنتبه لها الوزارة بالنسبة لتحذير المواطنين من أخطار مشروبات الطاقة الكحولية على صحتهم، حيث لم تكلف الوزارة نفسها القيام بوضع أي تحذيرات مكتوبة باللغة العربية على كافة عبوات الفودكا مع الطاقة تنبيهاً للمواطن الشاري الذي لا يملك أي معلومة تفيد بخطورتها عليه، علماً أن القانون يقضي بوجوب كتابة كل الاشتراطات والتحذيرات أو أي معلومة ضرورية خاصة بالمنتجات المستوردة باللغة العربية.
مخاطر الفودكا الكحولية
ووقوفاً عند مخاطر هذه المشروبات وآثارها السلبية على الصحة العامة، تشير الدكتورة لينا دعبول اختصاصية التغذية العامة في دمشق إلى أن مشروبات الطاقة هذه والمخلوطة بمادة الفودكا الكحولية تسبب آثاراً سيئة على صحة الأفراد لما تحويه من كحول تعبر جدران الأمعاء دون أن يطرأ على هذه المادة أي تحول، حيث تذهب إلى الدم مباشرة خلال 15-30 دقيقة من تناوله، لينتشر فيما بعد إلى باقي أنحاء الجسم وخاصة إلى أعضائه المروية بالدم مثل الكبد والقلب والدماغ، وحسب دعبول فإن الكبد سيقوم بالتخلص من 95% من الكحول، فيما الـ5% الباقية تتخلص منه الرئتان عن طريق التنفس أما الكليتان عن طريق البول في حين يطرحها الجلد عن طريق التعرق.
وأوضحت اختصاصية التغذية أن آثار الكحول السامة أصبحت اليوم معروفة لدى الجميع، فهي تصيب الكبد والدماغ والجهاز العصبي والقلب والعضلات، كما أنها لا توفر الجهاز الهضمي إذ يتخرش الغشاء المخاطي الذي يغلف المعدة والأمعاء ليشعر متعاطي هذه المشروبات بالحرقة، بالإضافة إلى أن مادة الكحول هي وراء الإصابة بسرطان الفم والحلق والمري، حيث تعد سُماً لعيناً للكبد لما تسببه من تشمع وما يعرف بسرطان الكبد، وتفيد الدكتورة دعبول بأن الكحول يبطئ عمل الدماغ ويجعله مضطرباً، كما يؤدي تعاطي هذه المشروبات إلى حدوث اضطرابات في ردود الفعل والرؤية والتوازن وضعف في الذاكرة والشعور بالقلق والاكتئاب والمعاناة من الأرق وأحياناً ما تدفع بشاربيها إلى الانتحار.
وتتحدث دعبول عن إحدى التجارب العلمية التي تم إجراؤها على الفئران إذ تبيّن أن احتواء مشروبات الطاقة مع الفودكا على مادة الكافيين والتورين قلّل من مستوى الكلس والبروتين والصفائح في دمها، كما تضررت لديها الغدة الدرقية والغدد الكظرية وأصبحت هذه القوارض عنيفة ومفرطة الحساسية للضوضاء نتيجة مزج الكحول مع الكافيين وكشفت التجربة أن الجسم لا يحتمل هذا الخليط جيداً خاصة أن الكافيين يخفي آثار الكحول، فبدل أن يشعر الجسم بالتعب والسكر بعد تناول عدة كؤوس منها سيشعر بالنشاط والحيوية في حين لن يجد السكران المخمور مشكلة في قيادة سيارته وهذا قد يسبب وقوع حوادث سير مؤلمة.
وزارة الصحة تخشى!!
وفيما يتعلق بالإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة بخصوص مشروبات الفودكا مع الطاقة التي انتشرت بشكل لا سابق له في السوق السورية وإقبال فئة كبيرة من الأطفال على تناول هذه المشروبات ووسائل التوعية للحد من تناولها في المستقبل، أكد الدكتور حبيب عبود مدير مخابر الرقابة والبحوث الدوائية أن وزارة الصحة لم توافق على تداول مثل هذه المستحضرات في السوق منوهاً أن مشروبات الطاقة التي لا تحتوي على الكحول المطابقة للمواصفات القياسية السورية مسموح تداولها في البقاليات وأبدى الدكتور عبود خشية الوزارة من إساءة استعمال مشروبات الطاقة مع الفودكا على الأطفال إضافة للأعراض الجانبية ومخاطر الاستعمال، ولفت مدير مخابر الرقابة إلى أن وزارة الصحة خاطبت منظمة الصحة العالمية لمعرفة كيفية التعامل مع مشروبات الطاقة فكان جواب المنظمة أن مشروبات الطاقة التي تباع في السوبر ماركت لابد من ضبط بيعها ومراقبتها بشدة في الأسواق، وحصر عبود وسائل التوعية للحد من هذه المشروبات بعدة نقاط أهمها إقامة ندوات توعية متخصصة بالتنسيق مع وزارات الدولة المختلفة (الصحة – الاقتصاد والتجارة - الإعلام- التربية) كذلك اقتراح برامج إذاعية وتلفزيونية يتم عن طريقها عرض استخدام وسائل الإعلام المطبوعة التي تتضمن المقابلات مع الأطباء والمختصين لتسليط الضوء على مخاطر المشروبات الكحولية مع مواد الطاقة بالإضافة إلى إصدار كتيبات وملصقات هادفة للتوعية.
وفي هذا الإطار أوضح الدكتور عبود إنه لابد من تكثيف دوريات حماية المستهلك لضبط هذا النوع من المشروبات المخالفة للمواصفات التي قد تكون دخلت القطر بشكل غير نظامي وهو ما يتطلب مصادرتها، وتجدر الإٍشارة إلى أن وزارة الصحة قامت مؤخراً برفض تسجيل أو استيراد مشروبات الطاقة مع الفودكا الكحولية محذرة من تداولها وتناولها من قبل عامة المواطنين وذلك حفاظاً على صحتهم من الأضرار الناجمة عنها.
أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة قراراً منعت فيه استيراد جميع أنواع مشروبات الطاقة المضاف إليها الكحول من كل دول العالم، بما فيها الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارة حرة أو تجارة تفضيلية.
ونص القرار على منع استيراد مشروبات " vodka mix" باللونين الأزرق والأسود معاً و"flash vodka mix " من مختلف البنود الجمركية من كل دول العالم بما فيها الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارة حرة أو تجارة تفضيلية.
كما أكد القرار على منع استيراد جميع أنواع مشروبات الطاقة المضاف إليها الكحول.
دور سلبي للأكشاك
ومن جانب آخر لجوء الأكشاك الموجودة على الأرصفة لبيع هذه المشروبات دون وجود ضابط أو مسؤولية قانونية تقع على الباعة عند بيع هذه المادّة للشباب!!.
والسؤال: هل هناك ما هو ناظم لدى الجهات المعنية في متابعة مثل هذه المواد سواءً النظامي منها أو المهرّب وعدم السماح بدخولها قبل ذكر هذه التحذيرات باللغة العربية... سؤال بقيد المعنيين؟؟
أرجو أن يتم تطبيق هذا القرار بشكل جدي دون أي تراخٍ أو استثناءات... لما لهذه المشروبات من ضرر على الصحة على المدى البعيد.. من جهة وما تحويه من مواد يجهلها معظم الناس من جهة أخرى.. وهم منقادون بشكل أعمى وراء إعلاناتها التجارية.