مملكة الفساد بين أنطوني توماس ونجدت أنزور (1 من 2)..أنطوني توماس وموت أميرة
ثقافة
السبت، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٣
شمس الدين العجلاني
كلاهما "توماس وأنزور" أثارا عش الدبابير على المستوى الدولي، بفارق زمني بينهما يتجاوز الثلاثين عاماً؟
أنطوني توماس أخرج فيلم "موت أميرة" عام 1980م، ونجدت أنزور أخرج فيلم "ملك الرمال" عام 2012 م، واقتراب توماس وأنزور بفيلميهما من الخطوط الحمراء السعودية بل تجاوزاها وأماطا اللثام عن المحرمات السعودية!؟
موت أميرة:
فيلم (موت أميرة) عرضته وأنتجته هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في 12 أيار 1980، وعُرض حينها في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوربية، وأعيد عرضه مرة ثانية في دور السينما العالمية عام 2005، بمناسبة مرور ربع قرن على عرضه الأول.
الفيلم من إخراج البريطاني أنطوني توماس، ومن بطولة الفنانين المصريين، سوسن بدر، سمير صبري، نبيل الحلفاوي، محمد وفيق، إضافة لعدد من نجوم السينما من إنجلترا، وبالطبع لم يعرض في أي دولة عربية!؟ "موت أميرة" دراما وثائقية استندت إلى مقابلات أجراها أنطوني توماس مع المقربين من الأميرة وعشيقها ومن المقربين من قصور آل سعود، سجلت هذه المقابلات في لندن وباريس وبيروت والسعودية، وبرغم الجهود الجبارة التي بُذلت للحصول على الحقيقة الكاملة حول الأميرة وعشيقها، يبقى هنالك خفايا لم يستطع كشف اللثام عنها!؟ وحقائق لم يتم التحقق منها..
الفيلم يروي إعدام الأميرة مشاعل آل سعود بعد أن خانت زوجها الذي كان لا يُشبع رغباتها الجنسية! وحاولت الهرب مع عشيقها خارج المملكة لكن السلطات السعودية تمكنت من القبض عليهما بمطار الرياض قبل إقلاع الطائرة بدقائق وتم إعدام الأميرة بإطلاق الرصاص عليها، أما العشيق فقد ضُربت رقبته بالسيف في إحدى الساحات بمدينة جدة!!
الأميرة مشاعل حسب مصادر الفيلم كانت على غاية من الجمال، رشيقة كالغزال البري، وهي سيئة المزاج وصعبة المراس، كانت تقوم بالفعل ثم تفكر بعواقبه بعد ذلك، درست في كلية البنات بجامعة بيروت ما بين عامي 1973– 1974، وهي متزوجة ولديها ولد واحد "رضيع"، زوجها على جانب من الغنى ويرغب ببقاء زوجته في البيت وإنجاب الكثير من الأطفال، جدّها هو كبير العائلة لأنه الشقيق الأكبر للملك آنذاك، وهو أمير رجعي سيئ السمعة كثير التردد على الدول الأوربية حيث يقضي أوقاته هناك في المرابع الليلية وعلى موائد النساء والخمر لذا لقبوه "أبو الشرّين" وليس شراً واحداً.
الأميرة مشاعل كانت تتردد على المرابع الليلية في بيروت خاصة مربع "ترامبس" قرب الفندق الدولي وكان عمرها آنذاك 19 عاماً. أما العشيق فلم يُعرف عنه الكثير فهو يبلغ الواحد والعشرين من العمر، لبناني الجنسية كان طالباً في الجامعة الأميركية، والده متوفى وكان يرعاه عمه، روي العديد من القصص عن طريقة تعارفهما، منها أن الأميرة أعجبت به حين شاهدته على التلفاز يعزف الغيتار وأخذت به.. أرسلت له قصاصة ورق مع سائقها تخبره أن هنالك رسالة تنتظره بأحد "البوتيكات" فذهب إلى هناك وتعرف عليها، وقيل غير ذلك وأنهما تعارفا في بيروت والتقيا في أوروبا.. علاقتهما لم تتجاوز ثلاثة الأسابيع وبعدها كان الإعدام في انتظارهما.
الإعدام:
احتجز جدّ الأميرة "أبو الشرين" الأميرة والفتى في قصره لمدة أربعة أيام وفي يوم الجمعة اللاحق تم الإعدام بواسطة أفراد الحرس الخاص به، وتم الإعدام خلافاً للمتبع في مملكة آل سعود، حيث تم في موقف انتظار للسيارات وليس في الميدان المخصص لذلك...
جاؤوا بالأميرة ملفوفة بالعباءة والخمار، وما إن نزلت من السيارة حتى اقتيدت إلى وسط الساحة وأقعدت عنوة. ثم أطلقت عليها ست رصاصات من فوهة مسدسين خرّت على إثرها مضرجة بدمائها. بعدها أُتي بشاب حاسر الرأس، مكتوف اليدين منهوك القوى، يترنح بين الشمال واليمين!؟ وما إن ترجل من السيارة حتى أمروه بأن يجثو على ركبتيه وما إن جثا حتى تمّ وخزه بالسيف، فمد الشاب عنقه، فسارع الجلاد ليجتز رأسه بضربة واحدة، إلا أنه تعثر فألحق الضربة بضربات حتى بلغت ست، وهوى الشاب جثة هامدة مضرجة بدمائها.
عملية الإعدام وقطع الرأس صُورت بكاميرا سرية وكانت المادة الرئيسية لفيلم "موت أميرة".
جنس وفساد:
لم يخف آل سعود من الفيلم لوجود مشاهد إعدام الأميرة وقطع رأس عشيقها كما أخافهم وأرعدهم الحديث عن الحياة الجنسية الفاسدة لأميرات السعودية!؟
تعرض الفيلم لخفايا وفساد قصور آل سعود، وصور مشاهد أظهرت أميرات أخريات وهن يتجولن في سياراتهن الفارهة على الطريق الصحراوي، مساء كل يوم حوالي الساعة الخامسة وإذا توسمن أحد الرجال يأخذن رقم هاتفة ويأمرن السائق بالاتصال به وترتيب الأمر!؟
أو يقفن أمام الفنادق ذات النجوم الخمسة لاصطياد من يروق لهن من الشباب من رواد تلك الفنادق!؟
ويركز الفيلم على حفلات الرقص بالسيف أو ما يسمى بالعراضة النجدية التي تقام خلال الاحتفال بالعيد الوطني فيراقبن الرجال أثناء الرقص ويخترن منهم من يروق لهن!؟
أشار الفيلم أكثر من مرة، أن الأميرات يعشن حياة جنسية صاخبة للتغلب على الملل، فالجنس هو الامتياز الممنوح لأميرات آل سعود فيعشن حياة جنسية صاخبة غير طبيعية. الأميرات هن من يخترن الرجال.. ويقمن علاقات قصيرة وأحياناً يشوبها العنف ودائماً يتعرضن للخطر، ويتصلن بالرجال عن طريق السائقين والوصيفات، ويبقين الأمر طيّ الكتمان وبالطبع يتلقى السائق أو الوصيفة رشاوي كبيرة جداً لقاء ذلك..
النساء هن المفترسات للرجال!؟ هذه هي رؤية فيلم "موت أميرة"
هذا الكلام والمشاهد المرافقة له كانت أشد وطأة وحدّة وغضباً داخل الأسرة المالكة لبلاد الحجاز! وقيل حينها إنه حين عُرض على الملك السعودي آنذاك خالد شريط فيديو للفيلم، وشاهد الأميرات وهن يتجولن بالسيارات في الصحراء، ثار وأرعد واعتبر الفيلم لطخة عار على شرف العائلة السعودية!.
وهنا لابد من التنويه أن مخرج الفيلم أنطوني توماس مشهور عالمياً بأنه صادق في فكره وأنه صانع الأفلام الوثائقية واتخذ فيلمه هذا صيغة الدراما الوثائقية الباحثة عن الحقيقة.
أخيراً:
تعرضت بريطانيا لضغوط كبيرة لمنع عرض الفيلم ولعقوبات اقتصادية من قبل السعودية استمرت فترة وجيزة.
وزير خارجية بريطانية آنذاك "دافيد واين" اعتذر للعرش السعودي عن هذا الفيلم ولكن لم تترك الصحافة البريطانية هذا الاعتذار يمر دون السخرية منه.. كما تعرّض القائمون على العمل للعديد من العقوبات فعلى سبيل المثال الممثلة المصرية سوسن بدر وُضعت على لوائح المنع في التلفزيون المصري وفي السعودية وخسرت أدواراً كانت قد كُلفت بها للتو على إثر هذا الفيلم مما أكسبها شعبية خاصة وكذلك مُنعت من السفر خارج مصر...!؟
تجندت وسائل الإعلام السعودية ومن يدور في فلكها للدفاع المميت عن آل سعود، ولكن لم يستطع أحد نكران أن "موت أميرة" قضّ مضجع العائلة المالكة لبلاد الحجاز، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم إنتاج أي عمل سينمائي على مستوى عالمي يقترب من أسوار آل سعود ومن ظلام قصورهم!
إلى أن جاء المخرج السوري المبدع نجدت أنزور، وقام بإنتاج فيلم سينمائي عالمي مستفيداً وحذراً مما سبق أن قامت به سلطات آل سعود من إجراءات بحق فيلم "موت أميرة" قبل عرضه وبعد العرض. لذا قام بعمله السينمائي بسرية تامة، وحين انتهت كل الأعمال والترتيبات لفيلمه أعلنه، فقامت الدنيا عليه ولم تقعد.
تهديد ووعيد ومضايقات تلقاها أنزور وعدد من العاملين في الفيلم.. وأنزور ماض في "ملك الرمال" يغزو مملكة الفساد.
يتبع