من أين يأتي المواطن بحاجات الرضيع؟! مستلزماته فقط.. تساوي الدخل كله!!
الأزمنة
السبت، ٢٥ يونيو ٢٠١٦
الأزمنة – مجد سليم عبيسي
كلما تغيرت أسعار صرف الدولار في السوق تغيرت معها تكاليف المعيشة للأسرة، ويمكن الاستئناس بمؤشر تكاليف الحد الأدنى لمستوى المعيشة لأسرة سورية متوسطة مكونة من خمسة أفراد في دراسة مستفيضة بداية العام الحالي، الذي يشير إلى إجمالي تقديري بلغ 175 ألف ليرة شهرياً، ولسنا هنا بمدعاة الاستفاضة في نشر الدراسة لأنها غير رسمية، ولكن للإشارة فقط إلى حجم المخرجات وحقيقة الدخل وموقع مستلزمات أصغر أفراد الأسرة "الرضيع" الذي –على جماله- يحتل اليوم المرتبة الأولى في كسر الظهر؟!
أرقام ارتفاع التكاليف:
تشير الدراسات إلى أن استهلاكاً وسطياً شهرياً للأسرة قد ارتفع منذ بداية عام 2016 بقيمة 50000 ل.س، بارتفاع 40% عن بداية العام، أعلى من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
أسعار العقارات تغيرت خلال هذه الفترة في الضواحي، التي تشهد كثافة سكانية وعمرانية، حيث انتقلت من وسطي 40 ألف ليرة إلى وسطي 60 ألف ل.س لمنزل من غرفتين وصالون، أما وسط المدينة فإن السعر الأدنى للإجارات بدأ من 75 ألف ل.س، لشقة بمساحة 90 متراً، في مناطق المدينة غير المترفة.
تكاليف الغاز والتدفئة شهرياً لم ترتفع شيئاً يذكر.
الصيانة والمياه والكهرباء: 2600 ليرة، حيث ارتفعت تكاليف الكهرباء المنزلية، بفرض الاستهلاك الوسطي 600 كيلو في الشهرين، إلى 300 ليرة شهرياً، وأسعار المياه بوسطي شهري 300 ليرة، أما تكاليف صيانة المنازل مثل الصحية، والدهان وغيرها، فقد ارتفع شهرياً من 1500 ل.س، إلى قرابة 2000 ل.س، مع ارتفاع أسعار العدة والأدوات، ومحاولة المهنيين المحافظة على دخلهم بمقدار تراجع قيمة الليرة حتى باتت أجرة مجيئهم فقط أعلى من كشفية الطبيب!
ناهيكم عن ارتفاع الألبسة الصيفية والشتوية والتي تكلف وسطياً الأسرة شهرياً 6000 ليرة من حاجات اللباس، ويمكن إضافة 4000 ليرة استهلاك الفرد السنوي للأحذية.
المتفرقات والتعليم والصحة والأدوات الكهربائية والأثاث والاتصالات كلها زادت على كاهل المواطن السوري محدود الدخل منذ بداية العام وحتى اليوم بنسب متفاوتة أدت في المحصلة إلى زيادة الحاجة لرفع مستوى الدخل بمقدار 400% والتي لا يستطيع المواطن الشريف تحصيلها من دون الالتواء والحلزنة والقفز من فوق وتحت الطاولات..
وهذا بالنسبة للأسرة الطبيعية، وطبعاً الموظف السوري يتأقلم مع المصروفات بمبلغ يتراوح بين 30 – 50 ألفاً شهرياً مع فتح حساب استدانة شهرية يصل إلى 15 ألف ليرة شهرياً في ظل الحرمان من الكثير الكثير. أما الأسرة التي لديها طفل؛ فمصروفاته الشخصية فقط والتي لا يمكن الاستغناء عنها تساوي هذا المبلغ وتزيد.. !!
"على جماله" يكسر الظهر:
من لديه طفل؛ كان الله في عونه، فرب الأسرة المكونة من ثلاثة أشخاص و"طفل" يزداد مصروفها الشهري عن الأسرة العادية ذات أربعة الأفراد بمقدار 30000 ليرة سورية فقط لا غير.. نعم، الرقم صحيح؛ فقد بات هذا الرقم هو الحد أدنى لتلبية حاجة طفل واحد من الحليب والفوط، وبالاعتماد أن متوسط راتب الموظف 30000 ليرة سورية شهرياً، ومن دون إجراء عملية حساب يتبين أنه لا يبقى من راتب الموظف شيء!!.. أي إن الفوط والحليب استهلكت دخل الموظف الشهري كله، ناهيك بمستلزمات أخرى من لباس وكشفية أطباء وأدوية لم يلق لها بالاً بعد.
إن تحملنا عناء الحساب، وتحت وطأة ارتفاع سعر الصرف الملعون غير المنضبط، نستطيع القول إن حليب الطفل الذي لا يتجاوز عمره ستة أشهر بات يكلف الأسرة ما يزيد على 22 ألف ليرة شهرياً، على اعتبار أنه غذاء أساسي ويتطلب شهرياً ما لا يقل من 10 علب؛ وقد أصبح سعر العلبة الواحدة اليوم 2200 ليرة سورية بعد أن كان ثمنها 265 ليرة سورية لا غير قبل عدة سنوات!!.
ويمكن أن نضيف عليها مبلغ 7500 ليرة تقريباً مستلزمات أخرى لا يمكن الاستغناء عنها والمتمثلة بالفوط التي تجاوز سعر الكيس المغلف منها ومن ماركات معروفة أكثر من 1500 ليرة؛ هذا في حال كان الطفل خفيف الظل ولا يستهلك سوى خمسة أكياس في الشهر!!
وإذا ضرب رب الأسرة من ذوي الدخل المحدود أقاصي الأسواق باحثاً عن نوع أقل ثمناً ولو على حساب الجودة؛ فلن يوفر بعد عناء رحلة البحث سوى 1000 ليرة شهرياً في أحسن الحالات، وسيعوضها مضاعفة بزيادة استخدام مواد التنظيف لملابس الطفل نتيجة تسريب النوعيات الرديئة.
جولة سوقية..
بالقيام بجولة على أسواق مستلزمات الرضع الأساسية من حليب وفوط، وجدنا فروقات بسيطة بالنسبة لأسعار حليب الأطفال "نظراً لأنها تباع في الصيدليات" بحيث لم تتجاوز الفروقات الـ 50 ليرة سورية بين صيدلية وأخرى، في حين كان هناك تفاوت كبير بين أسعار الفوط بين المحال أسوة بباقي السلع، وكغيرها من البضائع ليس لها ضابط يوحد سعرها، إذ قارب الفرق 200 ليرة سورية بين محل وآخر بعد بضعة أمتار في السوق نفسه!!
ولدى أخذ رأي الصيادلة بسعر الحليب اتفقوا على أن السعر مرتفع وقد تضاعف عشرة أضعاف عما قبل الأزمة، ولكن التسعير يأتي من وزارة الصحة ولا دخل لهم فيه وأن مرابحهم لم تتضاعف فعلياً كما تضاعفت الأسعار.
أما بالنسبة لمحال بيع الفوط فقد اختلفت إجابات أصحابها وتذبذبت تماماً كما الأسعار بلا منطقية..
خالد 37 عاماً: إن فوط الأطفال ارتفعت أسعارها علينا من المصدر، ونحن متهمون دوماً ولكن فعلاً للدولار كل العلاقة.. فمعظم ماركات فوط الأطفال مستوردة، وبالتالي فهي ترتفع بشكل مطرد مع انخفاض قيمة العملة.
أبو جعفر 55 عاماً: ارتفاع أسعار الفوط ليس له علاقة بالدولار، ولكن الحجة دوماً هي سعر الصرف، والدليل أنه ما مبرر أنه لدينا فوط من ماركات وطنية وأسعارها أغلى من المستوردة؟! وحتى الفوط "الفرط" التي تأتينا بأكياس كبيرة ونبيعها بالكيلو أصبح رأس مالها علينا يقارب الأكياس الجاهزة المغلفة وأحياناً أغلى رغم رداءة النوعية في الأغلب، ولكننا نضطر لجلبها لأن عليها طلباً أكثر من الماركات المعروفة؛ لأن مواطننا يظن أن شراءه الفوط بالكيلو أرخص.. وللأسف يكون قد حصل على نوعية أسوأ وبسعر أعلى.. هذا هو الواقع.
اعترافات مسؤولة..
اعترف مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك في وقت سابق أن الأسرة التي لديها أطفال رضع تعاني الأمرين من ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال ولاسيما الفوط والحليب.
وعزا –كالعادة- ارتفاع الأسعار إلى تذبذب سعر صرف الدولار معرضاً على تعرض بعض معامل الشركات السورية ضمن هذا المجال للحرق والتخريب الأمر الذي اضطر للاستيراد من الخارج، وهو ما رتب تكاليف إضافية أدت إلى زيادة في أسعار منتجاتها. وأضاف: إن أسعار الحليب التي يستخدمها الطفل دون عمر 6 أشهر يتم تسعيرها عبر وزارة الصحة، أما بقية أنواع الحليب، فإن أسعارها تخضع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
مضيفاً: إن كل أنواع حليب الأطفال في أسواقنا المحلية مستوردة وأسعارها طبعاً تتعرض لتذبذب سعر الصرف. وإن حليب البودرة مستورد، لذا فإنه يخضع لآلية تسعير تحددها لجنة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهذه الآلية تعتمد على معايير عديدة منها تقييم تمويل المستوردات وبنود التكلفة، بينما فوط الأطفال المحلية الصنع تخضع إلى تسعير مكاني وفقاً لمديريات التجارة الداخلية في المحافظات، وذلك يعني مراعاة ظروف الإنتاج والتكلفة الإنتاجية ناهيك عن أن جزءاً من المواد الأولية للمنتجات المحلية الصنع من حليب وفوط يتم استيراده من الخارج أيضاً وهذا يزيد من السعر، في المقابل فإن حليب الأطفال مدعوم من الدولة وهناك جهود حثيثة لدعم المنتج الوطني والاقتصار على استيراد المواد الخام فقط بما لا يضر بمسألة الجودة وفق الحدود المنطقية.
كما بين مصدر في وزارة الصحة أن الوزارة تقوم بتسعير حليب أطفال الرضع فقط وحتى السنة الأولى من عمر الطفل، حيث إن تسعير حليب الأطفال يتم من خلال لجنة تابعة لوزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، ثم يقوم البنك المركزي بتمويل استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية والأدوية الجاهزة التي لا يوجد منها تصنيع محلي، وأيضاً حليب الأطفال بغية عدم ازدياد أسعار هذه المواد ولتبقى تكلفة تصنيع الأدوية واستيرادها بما فيها استيراد حليب الأطفال ضمن الحدود المقبولة للمواطن.
تعقيب:
طبعاً التصريحات المسؤولة كما كانت فيما مضى ستكون اليوم، تتكلم عن طبائع سياسات التسعير وكيف أن الدولة ما زالت تدعم العديد من القطاعات ومنها "حليب الأطفال" الذي لا توحي أسعاره التي وصل لها اليوم بأنها تتكئ على أي دعم حكومي!! وأن الجهود الحثيثة لدعم المنتج الوطني وصولاً للجودة والسعر المنطقي هي في الحقيقة تصريحات "قديمة – جديدة" نتائجها نراها اليوم بارتفاعات كبيرة في أسعار هذه المواد حتى لم يعد للمواطن القدرة على موازنة كتلتها السعرية مع كتلة الدخل المتضائل!!
في النهاية النتيجة واحدة، والمواطن يريد حلاً فاعلاً سواء لجهة ارتفاع الأسعار أو لمسألة ضبطها والرقابة عليها، فكثير من الباعة يتحكمون بالسعر حسبما تشتهي أنفسهم ضاربين بالصك السعري لكل منتج عرض الحائط، والدليل.. التباين في الأسعار بين المحال المتجاورة وحتى الصيدليات التي تبيع حليب الأطفال والفوط. وعند سؤال الجهة المعنية عن هذا الموضوع يأتي الجواب: إننا موجودون في السوق ونعتمد على مبدأ الشكوى والشك، وأمام هذا الواقع على كل مواطن يشعر بأنه مغبون بالسعر أن يتقدم بالشكوى متحمّلاً أعباء الإجراءات الروتينية لوصول الشكوى وعلاجها، وبالمحصلة دائماً يقع الغبن على المواطن.. هل سمعتم بمواطن اشتكى فعادت له نقوده مع اعتذار يعيد له عنفوانه مع تبويس شوارب؟!... دمتم.
كلما تغيرت أسعار صرف الدولار في السوق تغيرت معها تكاليف المعيشة للأسرة، ويمكن الاستئناس بمؤشر تكاليف الحد الأدنى لمستوى المعيشة لأسرة سورية متوسطة مكونة من خمسة أفراد في دراسة مستفيضة بداية العام الحالي، الذي يشير إلى إجمالي تقديري بلغ 175 ألف ليرة شهرياً، ولسنا هنا بمدعاة الاستفاضة في نشر الدراسة لأنها غير رسمية، ولكن للإشارة فقط إلى حجم المخرجات وحقيقة الدخل وموقع مستلزمات أصغر أفراد الأسرة "الرضيع" الذي –على جماله- يحتل اليوم المرتبة الأولى في كسر الظهر؟!
أرقام ارتفاع التكاليف:
تشير الدراسات إلى أن استهلاكاً وسطياً شهرياً للأسرة قد ارتفع منذ بداية عام 2016 بقيمة 50000 ل.س، بارتفاع 40% عن بداية العام، أعلى من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
أسعار العقارات تغيرت خلال هذه الفترة في الضواحي، التي تشهد كثافة سكانية وعمرانية، حيث انتقلت من وسطي 40 ألف ليرة إلى وسطي 60 ألف ل.س لمنزل من غرفتين وصالون، أما وسط المدينة فإن السعر الأدنى للإجارات بدأ من 75 ألف ل.س، لشقة بمساحة 90 متراً، في مناطق المدينة غير المترفة.
تكاليف الغاز والتدفئة شهرياً لم ترتفع شيئاً يذكر.
الصيانة والمياه والكهرباء: 2600 ليرة، حيث ارتفعت تكاليف الكهرباء المنزلية، بفرض الاستهلاك الوسطي 600 كيلو في الشهرين، إلى 300 ليرة شهرياً، وأسعار المياه بوسطي شهري 300 ليرة، أما تكاليف صيانة المنازل مثل الصحية، والدهان وغيرها، فقد ارتفع شهرياً من 1500 ل.س، إلى قرابة 2000 ل.س، مع ارتفاع أسعار العدة والأدوات، ومحاولة المهنيين المحافظة على دخلهم بمقدار تراجع قيمة الليرة حتى باتت أجرة مجيئهم فقط أعلى من كشفية الطبيب!
ناهيكم عن ارتفاع الألبسة الصيفية والشتوية والتي تكلف وسطياً الأسرة شهرياً 6000 ليرة من حاجات اللباس، ويمكن إضافة 4000 ليرة استهلاك الفرد السنوي للأحذية.
المتفرقات والتعليم والصحة والأدوات الكهربائية والأثاث والاتصالات كلها زادت على كاهل المواطن السوري محدود الدخل منذ بداية العام وحتى اليوم بنسب متفاوتة أدت في المحصلة إلى زيادة الحاجة لرفع مستوى الدخل بمقدار 400% والتي لا يستطيع المواطن الشريف تحصيلها من دون الالتواء والحلزنة والقفز من فوق وتحت الطاولات..
وهذا بالنسبة للأسرة الطبيعية، وطبعاً الموظف السوري يتأقلم مع المصروفات بمبلغ يتراوح بين 30 – 50 ألفاً شهرياً مع فتح حساب استدانة شهرية يصل إلى 15 ألف ليرة شهرياً في ظل الحرمان من الكثير الكثير. أما الأسرة التي لديها طفل؛ فمصروفاته الشخصية فقط والتي لا يمكن الاستغناء عنها تساوي هذا المبلغ وتزيد.. !!
"على جماله" يكسر الظهر:
من لديه طفل؛ كان الله في عونه، فرب الأسرة المكونة من ثلاثة أشخاص و"طفل" يزداد مصروفها الشهري عن الأسرة العادية ذات أربعة الأفراد بمقدار 30000 ليرة سورية فقط لا غير.. نعم، الرقم صحيح؛ فقد بات هذا الرقم هو الحد أدنى لتلبية حاجة طفل واحد من الحليب والفوط، وبالاعتماد أن متوسط راتب الموظف 30000 ليرة سورية شهرياً، ومن دون إجراء عملية حساب يتبين أنه لا يبقى من راتب الموظف شيء!!.. أي إن الفوط والحليب استهلكت دخل الموظف الشهري كله، ناهيك بمستلزمات أخرى من لباس وكشفية أطباء وأدوية لم يلق لها بالاً بعد.
إن تحملنا عناء الحساب، وتحت وطأة ارتفاع سعر الصرف الملعون غير المنضبط، نستطيع القول إن حليب الطفل الذي لا يتجاوز عمره ستة أشهر بات يكلف الأسرة ما يزيد على 22 ألف ليرة شهرياً، على اعتبار أنه غذاء أساسي ويتطلب شهرياً ما لا يقل من 10 علب؛ وقد أصبح سعر العلبة الواحدة اليوم 2200 ليرة سورية بعد أن كان ثمنها 265 ليرة سورية لا غير قبل عدة سنوات!!.
ويمكن أن نضيف عليها مبلغ 7500 ليرة تقريباً مستلزمات أخرى لا يمكن الاستغناء عنها والمتمثلة بالفوط التي تجاوز سعر الكيس المغلف منها ومن ماركات معروفة أكثر من 1500 ليرة؛ هذا في حال كان الطفل خفيف الظل ولا يستهلك سوى خمسة أكياس في الشهر!!
وإذا ضرب رب الأسرة من ذوي الدخل المحدود أقاصي الأسواق باحثاً عن نوع أقل ثمناً ولو على حساب الجودة؛ فلن يوفر بعد عناء رحلة البحث سوى 1000 ليرة شهرياً في أحسن الحالات، وسيعوضها مضاعفة بزيادة استخدام مواد التنظيف لملابس الطفل نتيجة تسريب النوعيات الرديئة.
جولة سوقية..
بالقيام بجولة على أسواق مستلزمات الرضع الأساسية من حليب وفوط، وجدنا فروقات بسيطة بالنسبة لأسعار حليب الأطفال "نظراً لأنها تباع في الصيدليات" بحيث لم تتجاوز الفروقات الـ 50 ليرة سورية بين صيدلية وأخرى، في حين كان هناك تفاوت كبير بين أسعار الفوط بين المحال أسوة بباقي السلع، وكغيرها من البضائع ليس لها ضابط يوحد سعرها، إذ قارب الفرق 200 ليرة سورية بين محل وآخر بعد بضعة أمتار في السوق نفسه!!
ولدى أخذ رأي الصيادلة بسعر الحليب اتفقوا على أن السعر مرتفع وقد تضاعف عشرة أضعاف عما قبل الأزمة، ولكن التسعير يأتي من وزارة الصحة ولا دخل لهم فيه وأن مرابحهم لم تتضاعف فعلياً كما تضاعفت الأسعار.
أما بالنسبة لمحال بيع الفوط فقد اختلفت إجابات أصحابها وتذبذبت تماماً كما الأسعار بلا منطقية..
خالد 37 عاماً: إن فوط الأطفال ارتفعت أسعارها علينا من المصدر، ونحن متهمون دوماً ولكن فعلاً للدولار كل العلاقة.. فمعظم ماركات فوط الأطفال مستوردة، وبالتالي فهي ترتفع بشكل مطرد مع انخفاض قيمة العملة.
أبو جعفر 55 عاماً: ارتفاع أسعار الفوط ليس له علاقة بالدولار، ولكن الحجة دوماً هي سعر الصرف، والدليل أنه ما مبرر أنه لدينا فوط من ماركات وطنية وأسعارها أغلى من المستوردة؟! وحتى الفوط "الفرط" التي تأتينا بأكياس كبيرة ونبيعها بالكيلو أصبح رأس مالها علينا يقارب الأكياس الجاهزة المغلفة وأحياناً أغلى رغم رداءة النوعية في الأغلب، ولكننا نضطر لجلبها لأن عليها طلباً أكثر من الماركات المعروفة؛ لأن مواطننا يظن أن شراءه الفوط بالكيلو أرخص.. وللأسف يكون قد حصل على نوعية أسوأ وبسعر أعلى.. هذا هو الواقع.
اعترافات مسؤولة..
اعترف مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك في وقت سابق أن الأسرة التي لديها أطفال رضع تعاني الأمرين من ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال ولاسيما الفوط والحليب.
وعزا –كالعادة- ارتفاع الأسعار إلى تذبذب سعر صرف الدولار معرضاً على تعرض بعض معامل الشركات السورية ضمن هذا المجال للحرق والتخريب الأمر الذي اضطر للاستيراد من الخارج، وهو ما رتب تكاليف إضافية أدت إلى زيادة في أسعار منتجاتها. وأضاف: إن أسعار الحليب التي يستخدمها الطفل دون عمر 6 أشهر يتم تسعيرها عبر وزارة الصحة، أما بقية أنواع الحليب، فإن أسعارها تخضع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
مضيفاً: إن كل أنواع حليب الأطفال في أسواقنا المحلية مستوردة وأسعارها طبعاً تتعرض لتذبذب سعر الصرف. وإن حليب البودرة مستورد، لذا فإنه يخضع لآلية تسعير تحددها لجنة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهذه الآلية تعتمد على معايير عديدة منها تقييم تمويل المستوردات وبنود التكلفة، بينما فوط الأطفال المحلية الصنع تخضع إلى تسعير مكاني وفقاً لمديريات التجارة الداخلية في المحافظات، وذلك يعني مراعاة ظروف الإنتاج والتكلفة الإنتاجية ناهيك عن أن جزءاً من المواد الأولية للمنتجات المحلية الصنع من حليب وفوط يتم استيراده من الخارج أيضاً وهذا يزيد من السعر، في المقابل فإن حليب الأطفال مدعوم من الدولة وهناك جهود حثيثة لدعم المنتج الوطني والاقتصار على استيراد المواد الخام فقط بما لا يضر بمسألة الجودة وفق الحدود المنطقية.
كما بين مصدر في وزارة الصحة أن الوزارة تقوم بتسعير حليب أطفال الرضع فقط وحتى السنة الأولى من عمر الطفل، حيث إن تسعير حليب الأطفال يتم من خلال لجنة تابعة لوزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، ثم يقوم البنك المركزي بتمويل استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية والأدوية الجاهزة التي لا يوجد منها تصنيع محلي، وأيضاً حليب الأطفال بغية عدم ازدياد أسعار هذه المواد ولتبقى تكلفة تصنيع الأدوية واستيرادها بما فيها استيراد حليب الأطفال ضمن الحدود المقبولة للمواطن.
تعقيب:
طبعاً التصريحات المسؤولة كما كانت فيما مضى ستكون اليوم، تتكلم عن طبائع سياسات التسعير وكيف أن الدولة ما زالت تدعم العديد من القطاعات ومنها "حليب الأطفال" الذي لا توحي أسعاره التي وصل لها اليوم بأنها تتكئ على أي دعم حكومي!! وأن الجهود الحثيثة لدعم المنتج الوطني وصولاً للجودة والسعر المنطقي هي في الحقيقة تصريحات "قديمة – جديدة" نتائجها نراها اليوم بارتفاعات كبيرة في أسعار هذه المواد حتى لم يعد للمواطن القدرة على موازنة كتلتها السعرية مع كتلة الدخل المتضائل!!
في النهاية النتيجة واحدة، والمواطن يريد حلاً فاعلاً سواء لجهة ارتفاع الأسعار أو لمسألة ضبطها والرقابة عليها، فكثير من الباعة يتحكمون بالسعر حسبما تشتهي أنفسهم ضاربين بالصك السعري لكل منتج عرض الحائط، والدليل.. التباين في الأسعار بين المحال المتجاورة وحتى الصيدليات التي تبيع حليب الأطفال والفوط. وعند سؤال الجهة المعنية عن هذا الموضوع يأتي الجواب: إننا موجودون في السوق ونعتمد على مبدأ الشكوى والشك، وأمام هذا الواقع على كل مواطن يشعر بأنه مغبون بالسعر أن يتقدم بالشكوى متحمّلاً أعباء الإجراءات الروتينية لوصول الشكوى وعلاجها، وبالمحصلة دائماً يقع الغبن على المواطن.. هل سمعتم بمواطن اشتكى فعادت له نقوده مع اعتذار يعيد له عنفوانه مع تبويس شوارب؟!... دمتم.