نهاية العالم ليست غداً.. بقلم: علي عبيد الهاملي
تحليل وآراء
الجمعة، ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣
ما الذي يحدث؟ الزلازل تضرب بعض الأنحاء، والأعاصير والفيضانات تغمر بعض البلدان، واللبنانية ليلى عبداللطيف تتنبأ بالمزيد من الكوارث في الشهور المتبقية من هذا العام وخلال الأعوام المقبلة، والأثيوبي تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، يحذر من وباء قادم أشد من وباء كورونا المستجد، ويقول إنه لم يأخذ لقاح كورونا لأنه ينحدر من بلد فقير لا يجد أبناؤه اللقاح!
هل تراها نهاية العالم التي تحدثت عنها الكتب السماوية والملاحم الإغريقية وغيرها، أم هي المؤامرة التي تحدث عنها المسلسل التلفزيوني المصري «نهاية العالم ليست غداً» قبل 40 عاماً؟
في المقطع الذي انتشر من ذلك المسلسل، الذي تم عرضه عام 1983م، يدور حوار بين الصحافي شكري، الذي يمثل دوره الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، وبين مدير تحرير الصحيفة التي يعمل بها، يبدي فيه مدير التحرير استغرابه من المقال الذي كتبه شكري عن مؤتمر العالم الفقير، والذي يكشف فيه عن تقارير لعلماء في المؤتمر تتحدث عن كوارث طبيعية سيحولونها إلى كوارث صناعية.
يسأله مدير التحرير عن المعنى الذي يقصده، فيجيبه أن ذلك يعني زلزالاً صناعياً يدمر العالم، أو طوفاناً صناعياً يغرق الأرض، أو أن يقوموا على سبيل المثال بتفجير قنبلة ذرية فوق بركان خامد فيحدث زلزالاً صناعياً يقضي على العالم كله. يتساءل مدير التحرير: هل هذا معقول؟ فيجيبه الصحافي قائلاً إن هذا تقرير سري حصل عليه علماء من زملاء لهم من الدول التي تبحث بشكل سري هذه المواضيع. يسأل مدير التحرير مرة أخرى: لماذا.. ألا تكفي الحروب؟ يجيبه الصحافي قائلاً: لا إنها لا تكفي، فهذه الدول تفكر في وسائل جديدة مبتكرة كي يقللوا من عدد سكان العالم، ويتخلصوا من الأزمات التي يمكن أن تحدث نتيجة لمشاكل العالم الثالث.
يعلق مدير التحرير: هذا جنون. يرد الصحافي: أليست الحرب التي يمكن أن تقضي على الكل في لحظة جنوناً؟ يقول مدير التحرير: الحرب موجودة منذ الأزل ولها قوانينها، ولكنْ إحداث كوارث صناعية تقضي على كل البشر؟! هذا كلام لا يمكن أن أوافق على نشره لسبب بسيط، هو أنه غير قابل للتصديق. يقول الصحافي: ولماذا نذهب بعيداً، أليست القنابل الجرثومية نوعاً من أنواع الكوارث الصناعية، مثلها مثل الأوبئة الطبيعية التي تبيد البشر؟ يقول مدير التحرير: الذي ننشره محسوب علينا. يرد الصحافي: ومحسوب علينا السكوت عن أي شيء يهدد البشر. يقول مدير التحرير: لكن هذا الكلام غير رسمي، لم يعلن عنه أحد. يرد الصحافي: وهل أعلن أحد عن القنبلة الذرية قبل أن يقوموا بتفجيرها في اليابان؟ كل شيء تحيط به الشكوك في عالم اليوم، وبالذات ما يدبرونه للعالم الثالث المسكين.
هذا الحوار التلفزيوني، الذي حاولت تحويله إلى نص مكتوب، يستغرق على الشاشة دقيقتين ونصف تقريباً، استعادها الناس وتناقلوها عبر وسائط التواصل الاجتماعي خلال الأيام التي تلت زلزال المغرب وفيضانات ليبيا واليونان والإسكندرية، وقد أتى في سياق المسلسل الذي تناول سيرة مدرس الفلسفة الذي يصطدم بالواقع المادي النفعي المغاير تماماً للقيم التي تعلمها ويعلمها لطلابه، مثل الحق والخير والجمال، وعندما يفشل في إصلاح ما حوله من خلل، تتأكد له فلسفة مفكر عجوز ظن المحيطون به أنه فقد عقله، وتوفي منتظراً مساعدة كائنات فضائية ستأتي له بحلول تنقذ العالم من الهلاك المحتمل والقريب جداً، وقد استقطب المقطع كثيراً من المتابعين الذين أخذ بعضهم يفكر في مشاهدة حلقات المسلسل كله، علهم يخرجون منه بتفسير لما يظنون أنه يحدث بعد 40 عاماً من عرض المسلسل، الذي بدا أنه يحمل نبوءة لا تقل عن نبوءات ليلى عبد اللطيف المثيرة.
الأمر لم يخلُ أيضاً من استعادة البعض لاتهامات جرى توجيهها للملياردير الأمريكي بيل غيتس عام 2020م، على أثر انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، حين تم اجتزاء مقطع من تصريح سابق له، يدعو فيه إلى التخفيف من انبعاثات الكربون، ويقترح أن تكون إحدى الطرق لفعل ذلك تقليل النمو السكاني، فقد انطلقت وقتها حملة تنسب إلى غيتس اختراع الفيروس، وتتهمه بأنه يريد إفراغ الأرض من سكانها، ويدعو إلى زرع شرائح إلكترونية في البشر، وأصبح من ساعتها هدفاً لأصحاب نظريات المؤامرة، الذين استفادوا من خلال منشوراتهم زيادةَ عدد متابعيهم مع تفشي الوباء وتحوله إلى جائحة.
ومن خلال الاقتباسات المحرّفة والاختصارات المضللة، اتهمه الكثيرون بالرغبة في إعطاء لقاح مسموم للأفارقة لشل مئات الآلاف من الأطفال، والسيطرة على منظمة الصحة العالمية، واستغلال أدمغة البشر.
على كل حال، لا أحد يتمنى أن تكون نهاية العالم غداً، لأنه لا أحد جاهز لهذه النهاية بأي شكل من الأشكال.