هل لبّت جولة زيلينسكي الأوروبية رغباته العسكرية والسياسية؟

هل لبّت جولة زيلينسكي الأوروبية رغباته العسكرية والسياسية؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٧ مايو ٢٠٢٣

أثارت جولة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في أوروبا، تساؤلات تمحورت بشأن ما إذا تمكن من تحقيق أهدافه من الدول التي قام بزيارتها، والمتمثّلة بالحصول على مزيد من الدعم العسكري في مواجهة روسيا.
ويبدو أنّ الجولة الأوروبية للرئيس الأوكراني لم تلبِّ ما يطمح إليه فيما يتعلق بتغيير موازين القوى. وحصيلة زيلينسكي لم تتعدَّ الوعود باستمرار الدعم الكلاسيكي. كما أنّ وعود فرنسا وبريطانيا بتدريب طيّارين أوكرانيين على قيادة الطائرات خطوةٌ لا هدف لها ربّما سوى تهدئة لهاث زيلينسكي الساعي لتوريط حلفائه في تجاوز الخطوط الحمر مع موسكو.
ما الذي حمله زيلينسكي في جعبته من حملته الأوروبية؟
قال مراسل الميادين، موسى سرور، إنّ جولة زيلينسكي  هي للضغط على قادة الدول الأوروبية من أجل الإيفاء بالتزاماتها،والاستعداد لخوض غمار معركة ما يُسميه الحرب المضادة في مواجهة روسيا.
ووصف سرور الزيارة بـ"الخائبة"، لأن ما حصل عليه هو مجرّد وعود بأسلحة لم يكن يريدها، ولم يحصل على أسلحة استراتيجية، وطائرات حربية، وما حصل عليه هو أسلحة ذخائر لإطالة أمد الحرب.
هل اختلف الحلفاء في رسم مجرى المرحلة المقبلة من المواجهة برفضهم تسليح كييف ببعض الأنواع المتقدمة؟
أكد محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، أن الحلفاء لم يتباينوا في مجرى المرحلة المقبلة، لكن هناك تحفّظاً في الغرب، سواءٌ في واشنطن أو في الدول الأوروبية، تجاه ما يُسمى هجوم الربيع. وزيلينسكي يبدو ملحاً في طلبه التسلح من أوروبا، بذريعة أنه لا يستطيع خوض هذه المعركة الكبيرة ما لم تقدم إليه الدول الأوروبية أسلحة نوعية.
ولفت عبود إلى وجود تنسيق بين الحلفاء، "لكن لا أحد يريد أن يمضي إلى حربٍ تتجاوز الخطوط الحمر، بحيث تصل إلى المستوى النووي"، بحسب قوله.
لماذا هذا التأخّر من دول أوروبية في تلبية احتياجات كييف؟
أرجع سرور الأسباب إلى أنّ هذه الدول الأوروبية تخشى وقوع حرب نووية، وهذا ربّما يُثير مخاوف كبيرة لدى قادة الدول الأوروبية، وثانياً خوفاً من تدهور العلاقات الروسية - الأوروبية، وتأثيرها السلبي في الاقتصادات الأوروبية المتعثّرة جداً بسبب أزمات متعددة.
وتابع أنّ المسألة الثالثة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الأميركة، وهذا يدفع كثيراً من قادة الدول الأوروبية إلى أن تتريّث، الى حدٍّ ما، لمعرفة هوية الفائز الجديد في البيت الأبيض.
وبشأن المسألة الرابعة، قال سرور إنّ الصين أرسلت المبعوث الخاص لأوراسيا في جولةٍ الى أوروبا، سيزور خلالها بولندا وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا وروسيا. وقد يكون لهذا الأمر تداعيات إيجابية على مسألة تعزيز فرص السلام بين روسيا وأوكرانيا.
ما الأبعاد السياسية والعسكرية لجولة زيلينسكي في أوروبا؟ 
محلل الميادين للشؤون السياسية، ناصر أبو نصار، قال إنّ جولة زيلينسكي في أوروبا هي "جولة بنكهة الأسلحة". وعلى الرغم من الأهمية التي اتّخذتها هذه الزيارة، أمنياً وعسكرياً،  فإن هناك أبعاداً سياسية أخرى تمّ نقاشها مع الدول الأوروبية.
ومن الناحية العسكرية، أكد أبو نصار أنّه تمّ، خلال هذه المفاوضات، البحث في سيناريو شبيه لجولته الأوروبية السابقة، التي مهد خلالها لتسليم مقاتلات جوّية.
أمّا سياسياً، فإن الاتّحاد الأوروبي، وفق أبو نصار، يريد أن يبحث في مجال الردّ الروسي على المستوى الجديد من المواجهة بعد تسليم صواريخ ستورم شادو، وهي صواريخ كروز عالية التفجير والقوّة.
وأضاف مسألة أخرى، وهي أنّ شولتس وزيلينسكي بحثا في ألمانيا في استمرار الحرب الأطلسية على روسيا، في ظلّ التحول السياسي الذي قد تشهده الولايات المتحدة في انتخاباتها الرئاسية، بحيث طلب زيلينسكي ضمانات سياسية خلال هذه الزيارة من شولتس شخصياً لدعم أوكرانيا حتى النهاية في مواجهتها مع روسيا.
كيف يبدو المشهد من داخل روسيا، سياسياً وأمنياً؟
وقال أبو نصار إنّ الجبهة الداخلية الروسية سياسياً متماسكة بسبب عدّة عوامل، أولها النجاح النسبي في مواجهة العقوبات.
وأضاف أبو نصار أنّ العامل الثاني متعلق بأنّ الغرب ساهم في تسليط الجبهة الداخلية الروسية عبر مشروع الروسوفوبيا، الذي يُعادي كل ما هو روسي، الأمر الذي يُشعر الروس اليوم بإحساس إجتماعي عام، مفاده أنّ الغرب ناصبهم العداء، ويحمل أجندة فاشية ضدّهم. 
وأكمل أبو نصار بالقول إنّ التفاف الشعب الروسي المهول حول الرئيس بوتين منذ بدء العملية العسكرية حتى الآن، أدّى دوراً في جعل الجبهة الداخلية لروسيا متماسكة.
وفي الشقّ الأمني، قال أبو نصار إنّ هناك أكثر من ثلاثين جهازاً استخبارياً يقود المعركة الآن ضد روسيا، متخذاً في مواجهتها شكل العمليات العسكرية، مثل اغتيال داريا دوغين، والهجوم الأخير على الكرملين، الأمر الذي يؤشّر على حاجة هذه الأجهزة، ومن وراءها، إلى نصر معنوي مفقود في خط الجبهة.